الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

مجموعة رسائل في إجتناب الطاغوت المُعاصر



بِسْم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد .
الرسالة الأولى :إن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل 
{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء:9] ,فهذه الهداية إنما هي هداية البيان والإرشاد للناس كافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومن هداية القرآن بيانه الوصف الحقيقي للإنحراف والخلل لكل واقع مهما كان شدته ويتضمن الحل الإلهي لهذا الإنحراف إلى يوم القيامة مهما تغيرت الأشكال وتعددت الصور فالحياة في الإسلام إنما تستند على الوحي الرباني في كل مراحلها وجزئياتها ولذلك لا يوجد واقع إلا وفي القرآن وصفه وبيانه وكيفية التعامل معه, من أجل ذلك نتبين الحكمة من تعدد قصص الأنبياء وتكرارها مع أنهم جاؤوا بدعوة واحدة,كما ونلاحظ أيضا التركيز على قصتين بتفصيل وإسهاب هما (قصة موسى ) (وقصة إبراهيم ) عليهما الصلاة والسلام, فقصص الأنبياء تبين لنا أربعة أمور هامة جدا تتوقف عليها فهم حقيقة الدعوة:
الأول: طبيعة وشكل النظام صاحب السلطان في البيئة التي جاءها الرسول عليه الصلاة والسلام.
الثاني: حقيقة الإنحراف الموجود في البيئة وتوصيفه الوصف الشرعي. 
الثالث: رد القوم المبعوث إليهم الرسول تجاه الدعوة والدعاة.
الرابع: كيفية تعامل الرسول مع قومه. 
فهذه هي المقومات التي يجب أن يستند إليها العامل للإسلام ليحدد المنهج الذي سيسلكه فالدعوة إلى دين الله تعالى توقيفية غير خاضعة للاجتهادات والاستنباطات فما على الداعية والموحد إلا أن يشخص واقعه وبيئته تشخيصا صحيحا حقيقيا حسب المعايير الربانية ثم ينظر أي من الأنبياء واقعه مطابق للواقع الذي يعاصره وما عليه إلا ان يعالجه بالكيفية التي قام بها رسول ذلك الواقع لأنها الطريقة الوحيدة للتمكين والاستخلاف في الأرض فهو وحي الله تعالى.
الآن نحن : أصبحنا في واقع أهل الكتاب المتضمن جميع الانحرافات في الأقوام السابقة مع اشتمالها على جميع النظم السياسية في خليط عجيب وهذا الوصف- (أهل الكتاب)- ليس قاصرا على اليهود والنصارى كما يظن كثير من أهل التحريف في هذا الوقع إنما هو وصف معلل إذا وجدت أركانه فقد صار الواقع واقع أهل كتاب.
فالدين اليوم محرف فأصبح من يعرف حقيقة التوحيد معنى وكيفية كما يريدها الله تعالى غريبا..الأحبار والرهبان يحلون ما حرم الله ( وهم علماء الطاغوت الذين تعلموا دينه ويدافعون عن الدولة الطاغوتية ) يحرمون ما أحل الله تعالى وأباحوا عبادة الأوثان ( الدستور والقانون ) كل كلامهم في الشعائر التعبودية خضعوا الناس وقلبوا الحقائق لأنهم يفتون بآرائهم ويقيسون الأمور برأيهم فثلموا الدين وهدموه والحكام اتخذوا الدين لتثبيت عروشهم وترسيخ سياساتهم وتحقيق رغباتهم من خلال القانون والشيوخ الذين هياوهم لتعبيد الناس لهم .
والناس لا يتدبرون كتاب الله تعالى ليأخذوا منه دينهم فهجروه وأصبحت قبلتهم في تلقي الدين من علماء الطاغوت المحرفين للدين وأصبحت الأمة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم بها الكبير ويربوا فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا: غيرت السنة قيل متى ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أموالكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة.أهـ صحيح (أخرجه الدارمي في سننه والبيهقي في شعب الإيمان وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن والملاحم).
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ؛سيأتي على أمتي زمان تكثر فيه القراء وتقل الفقهاء ويقبض العلم ويكثر الهرج قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال: القتل بينكم ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المنافق الكافر المشرك بالله المؤمن بمثل ما يقول.أ.هـ صحيح أخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الأوسط).
ثم بين عليه الصلاة والسلام أن الأمة تدخل مرحلة أهل الكتاب والدليل : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن. قال عقبة: ما أهل الكتاب يا رسول الله ؟ قال: قوم يتعلمون كتاب الله يجادلون به الذين آمنوا, قال: فقلت ما أهل اللبن يا رسول الله ؟ قال: قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات.أ.هـ [صحيح أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير] فقد اشتمل هذا الواقع المُعاصر على جميع مقومات المجتمع الجاهلي .

=========================================

الرسالة الثانية :( ماهو الطاغوت ؟ ومتى يُطلق على المخلوق طاغوت وما حكم التعامل مع الطاغوت ؟ وهل الطاغوت هو الإله معبود من دون الله ؟)
بِسْم الله الرحمن الرحيم
أقول: بعون الله 
الجواب :هو الطاغوت هو كل ما عُبد من دون الله وهو راضٍ والدليل قوله تعالى .{وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء 29] والتقييد بالرضى هذا بالنّسبة لنبيون والصالحون لأنهم لم يرضوا بالعبادة من دون الله والدليل قوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[المائدة116]، وأما ماسواهم من المشركين الذين عُبدُ من دون الله لا إعتبار لرضاهم بل يكونوا في النار مع عابديهم والدليل قوله تعالى{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء 99] .
فالطاغوتً هو كلُ من تألهَ أو أُلهَ أو ألهه الناس أو صرفت له عبادة من العبادات وكل من نازع الله في ألوهيته أو في صفة من صفاته وهو رأس الكفر وإمامه وهو الإله من دون الله الذي قال الله تعالى اجتنبواه والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل 36] ، وفي الاية جاء الأمر باجتناب طاغوت من الإنس والجن والأمر باجتناب طاغوت الجماد الذي قال تعالى عنه : {فاجتنبوا الرجس من الأوثان } [الحج 30], ويدخل فيه الدساتير والقوانين والاوطان والأعلام القومية.
وكل حكام هذه الدول المعاصرة طواغيت معبودين من دون الله يجب إجتنابهم وقوانينهم ولا فرق بينهم وبين فرعون البتة .
وكل حكام الأنظمة في ما يسمى بالعالم الإسلامي والعربي والغربي هي أنظمة طاغوتية فرعونية ديكتاتورية الهدف من وجودها الإخلاص لحكامها والمحافظة على أوثانها الدساتير والقوانين تتمثل فيها مظاهر الفرعونية الثلاث التي بينها سبحانه في كتابه وهي: 
1‌- قوله تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (القصص:38) أي :ما علمت لكم من أحد تعظمونه وتعملون من أجله وتخلصون له سواي وهذا حال كل حكام الدول اليوم .
2‌- قوله تعالى عن فرعون: فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (النازعات:24),أي: أن مجتمعنا قائم على أرباب متعددة يشرعون لكم ويصرفون أمور حياكم إلا أنني أنا رأس السلطة التشريعية فهؤلاء الأرباب أنا من يصرف شؤونهم ويقر تشريعاتهم وهذا حال الحكام والمشرعين ارباب المجالس التشريعية.
3‌- قوله تعالى: قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد (غافر :29) أي:أن الأمور يجب أن تنظروا إليها برؤيتي كما أراها لا كما ترونها فليس لكم رؤيا مستقلة فالأمر أمري والإرادة إرادتي فما أفعله وأقوله هو الرشاد النابع من السياسة الحكيمة والرؤية الملهمة.
هذه المقومات ما كان لها أن تستقر في حياة المجتمعات إلا بوجود رافدها الرئيس وهم الأحبار والرهبان-المشايخ, السماحات, هيئات كبار العلماء أصحاب الفضيلة إلى غير ذلك من المسميات والألقاب- حيث اتخذهم أربابا من دون الله تعالى سحرة يخدعون الناس ويلبسون عليهم دينهم فحرفوا الدين وألفت الشعوب ذلك وودت لو ينتصر هؤلاء السحرة على كل موحد ليستمروا على حالهم وأصبح الدين غريبا والمسلمون على مراد الله تعالى غرباء, وتكالبت النصارى واليهود على الأمة كما تداعى الأكلة على قصعتها حتى سيطروا على بيت الله تعالى المقدس( الأقصى),(والكعبة ) وهاجموا البلاد الواحدة تلو الأخرى, ففي ظل هذا الواقع وهذه المعطيات 
فلا حل إلا الحل الذي جاء به رسول هذا الواقع وهو موسى عليه السلام وهذا الحل إلا بالدعوة إلى اجتناب الطاغوت وعبادة الله وحده على مراد الله تعالى كما سبق بيانه بتفصيل تام – ترك للحكام وأوثانهم من قوانين ودساتير وغيرها - والنتيجة المقدمة أن هؤلاء الحكام سيرفضون ذلك كونهم لا يملكون استقلالية القرار فهم تبع لفرعون العصر ممثلا بالولايات المتحدة الأمريكية.

======================

الرسالة الثالثة : {في توحيد العبادة لله تبارك وتعالى ومعناها الشامل .

بِسْم الله الرحمن الرحيم
العبادة هي بالدليل الصريح على إنها ثلاثة أنواع:
الأول : الدعاء والدليل قوله تعالى: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً) (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً (49) مريم]. 
الثاني: {الحكم ودليل ذلك قوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (يوسف:40]
الثالث: {الولاء والدليل قوله تعال :أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (الزمر:3].
{وتنقسم العبادة الى قسمين}:
الأول: ما هو حق خالص لله تعالى لا يشاركه فيه أحد من خلقه لا نبي مرسل ولا ملك مقرب وهذا القسم هو الدعاء الذي له ثلاثة معان هي :
أ- ما يتعلق بالاسماء الحسنى. 
ب- السؤال والاستغاثة والاستعانة على ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى وحده.
ج- التقرب والتنسك وهو الفعل بقصد التقرب الى الله تعالى أو فعل الشعائر التي جعلها الله تعالى لنفسه كالصلاة والصوم والذبح والنذر وغيرها.
الثاني: ما فيه مشاركة بحيث يكون فعلها عن طريق من أذن الله تعالى له بذلك وهذا القسم هو :
1- الحكم ويشمل التشريع والحكم والتحاكم.
2- الولاء ويشمل الطاعة والاتباع والمحبة والنصرة.
وبناءً على ما سبق فان قوله تعالى:{: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }يونس ] 
فهذه العبادة هي بمعنى الدعاء والتي لا مشاركة فيها بدليل قوله تعالى:ِ{إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وغيرها من الآيات فما ورد من آيات متعلقة بهذا النوع إنما يراد به العبادة بمعنى الدعاء التي هي التسمية بالاسماء الحسنى والاستغاثة والسؤال والتنسك .
إضافة الى انها متعلقة بالاصنام والأوثان التي من صفتها انها لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئا قال تعالى :وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ }فاطر133] وقال تعالى {أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ } الصافات12] وهذه الاصنام إما ان تكون تمثل الصالحين او الشياطين فكلها أوثان لا تضر ولا تنفع كونها لا حياة فيها ولا روح ولا تتحرك ولا تبصر قال تعالى: ألهم ارجل يمشون بها ام لهم أيد يبطشون بها ام لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعو شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون} .
وهذه العبادة فعلها للاصنام شرك ويقاس على الاصنام الأموات في العلة وهي انهم لا يملكون ضرا ولا نفعا لاحد وأن الموجود في القبر عبارة عن تراب والتراب كالاصنام إضافة الى انه ميت وكذلك الدستور والقانون جماد لا يملك ضرا ولا نفعا.
وبما يتعلق بالعبادة التي فيها اشتراك وهي الحكم والولاء :فالله قد جعل الحكم لرسوله ولبعض عباده في امور بينها الدليل قوله تعالى؛وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (المائدة:49 ).
جعل التحاكم الى الرسول عليه السلام ومن ينوب عنه عبادة له تعالى . 
وجعل طاعة الرسول عليه السلام وأولي الامر طاعة له والدليل قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [ النساء 59]، 
وجعل اتباع الرسول عليه السلام واتباع سبيل المؤمنين وهو الاجماع محبة له وجعل محبة الرسول عليه السلام وحبة المؤمنين محبة له وجعل نصرة الرسول عليه السلام ونصرة المؤمنين نصرة له ولا يمكن صرف شيء من العبادة للطاغوت لأن العبادة هي التذلل والتعظيم الذي هو من خصائص الإلهية ودليل التأله قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[ البقرة 163].
======================

الرسالة الرابعة : في بيان القانون وحقيقته إنه وثن ما انزل الله به من سلطان والذي يتعامل معه يتعامل مع وثن كما تعامل المشركين مع هُبل واللَّات والعُزّى .

بِسْم الله الرحمن الرحيم

أولا: (ما هي الأوثان ؟) 
الجواب: هي كل جماد مصور ( صنم) أو غير مصور ينسب له الأمر والحكم والتدبير في حياة الإنسان كما بين إبراهيم عليه السلام أنها لا تنطق ولا تأكل ولا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ولا تتحرك وبينها سبحانه بقوله: ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون).
ثانيا: كيف نعرف الواقع الوثني والأوثان المعبودة؟
الجواب: يجب علينا أن ننظر في هذا الواقع لنعلم من الذي يرد إليه: الأمر والحكم والتحاكم والتشريع ومن هو الذي يعمل من أجله ومن هو الذي ينصر ويطاع ومن هو المتبوع فإن كان فيه صفات الجماد فهو الوثن المعبود من دون الله تعالى مهما تغير شكله أو تغير اسمه لأن حقيقته ثابتة لا تتغير وعندها لا ينظر إلى كون أمره أو حكمه أو شرعه مخالف أو موافق للشرع لأن القول بهذا إقرار الأوثان فما دامت أوثان فالعقل يقول أنا لا تنطق حتى تأمر فتطاع وأنها لا تنصر نفسها حتى تنصر غيرها وأنها لا تعقل فكيف يصدر عنها حكم وهي لا تتحرك فكيف تنفع أو تضر وبما أنها لا تسمع ولا تبصر فطاعتها لا تنفع ومعصيتها لا تضر على الواقع.
ثالثا: ما هي الأوثان في عصرنا؟
الجواب : إنها التي يسمونها- وما هي إلا أسماء كما قال تعالى: إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان – الدستور والقانون أو النظام أو المادة، سواء كانت وطنية أو إقليمية أو دولية فهم ينسبون لها : الحكم والأمر والتشريع وهي التي ترد إليها تصريف علاقة البشر بالله تعالى والبشر والحيوان والنبات والجماد ومنه أخذت باقي الأوثان شرعيتها.
فأين قول الله تعالى أو قول رسوله عليه السلام بأن هناك قانون ودستور من صنع الإنسان له طاعة وحكم واتباع ونصرة وأنه يدبر حياة البشر ؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .
فهم يقولون: أمر القانون حكم القانون نص القانون سمح القانون منع القانون بموجب القانون بقوة القانون وهذا القانون متفرع عن الوثن الأكبر الدستور،فهم يثبتون قولا وعلما وحكمة وإرادة وقوة لهذا القانون، فنقول لهم:
هل القانون والدستور هو الله سبحانه ؟ سيجيبون بالنفي .
هل القانون هو الخالق ؟ فسيجيبون بالنفي.
هل القانون هو الإنسان؟ فإن كابروا وقالوا نعم. نقول لهم لا يوجد إنسان إلا وله أب وأم ( سوى آد م وحواء وعيسى عليهم السلام):
فمن هو أبوه وأمه ؟ ومن هي قبيلته؟
هل هو ذكر أم أنثى؟
هل هو كبير أم صغير ؟ هل هو عاقل أم مجنون؟
هل هو مسلم أم نصراني أم يهودي ؟ ما دينه؟ سيكون الجواب بالنفي.
إذن فهو ليس بخالق وإله وليس مخلوق إنسي إذن يا قوم من هو ؟
هل هو حيوان ؟ سيجيبون قطعا بالنفي فلو كان الجواب نعم فمصيبة عظمى !!!!
هل هو نبات ؟ سيجيبون بالنفي. .
هل هو جماد ؟ هنا ستكون الإجابة مرتبكة وستظهر الحيرة والتردد.
هل هو لا شيء؟ فلم يبق إلا احتمالين إما أنه جماد أو لا شيء.
إذن من هو كسؤال أخير ؟ سيجيبون بأنه من وضع البشر. فنقول لهم: أي انه من صنع البشر ونحتهم هذا ما أقررتم به.فهل هو حي أم ماذا؟ وهل يصنع الإنسان أو يضع إلا الجماد فأنتم وضعتموه ونقول لكم من ملة إبراهيم: أتعبدون ما تنحتُون* والله خلقكم وما تعملون}
فكيف يجعل من يعقل مرتبته دون الجماد وتقولون بمليء أفواهكم: القانون فوق الجميع أي فوق الناس والحيوان والنبات _ ولا أقول الجماد لأن ما ينطبق على القانون ينطبق على أي جماد لأن الحقيقة واحدة- فأنتم تساوون أنفسكم بالمخلوقات التي لا تعقل وهذا مصداقا للحقيقة القرآنية: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا}، وقولكم هذا هو تأليه للقانون والدستور سواء صرحتم بهذا أم لم تصرحوا به لأن الألوهية كما قررها سبحانه وتعالى بقوله: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض اله وهو الحكيم العليم}.
إن هذا الوقع واقع كفري ومعرفت الواقع ألكفري يكون مرتبط ارتباطا إقتضائيا- بمعنى من لوازمه التي لا تنفك عنه –{بالأوثان } فأينما وجد الكفر وجدت الوثنية وهذا يعلم من خلال أول شرك حصل في البشر في قوم نوح عليه السلام بعبادتهم للأصنام كما بين إبراهيم عليه السلام هذه الحقيقة بقوله: رب أجنبني وبني أن نعبد الأصنام ()، وقال مخاطبا قومه: إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا الآية وبين سبحانه وتعالى أن الإسلام يقوم على اجتناب الأوثان بقوله: فاجتنبوا الرجس من الأوثان) وبين عليه السلام أن كثير من أمته ستعود إلى عبادة الأوثان بقوله: وإنّما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبيٌّ، وأنا خاتم النَّبيِّين لا نبيَّ بعدي، ولا تزال طائفةٌ من أمتي على الحقِّ" قال ابن عيسى: "ظاهرين" ثم اتفقا "لايضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللّه تعالى.

======================

الرسالة الخامسة : في إجتناب عبادة الطاغوت لتحقق إسلام المرء في هذا الواقع : 

بِسْم الله الرحمن الرحيم
لا يدخول المرء الإسلام إلا بتحقيق قوله تعالى {اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وهي لا إله إلا الله} ولابد أن يكون المرء مخلصا خالصا صادقا بها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من قال لا إله إلا الله} مخلصا وفي رواية: {خالصا من قلبه}" وفي رواية:صادقا من قلبه" وفي حديث آخر: " "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله }[أحمد (٥/٢٣٦) .[صحيح مسلم: كتاب الإيمان (٢٣)،ومن أجل هذه الكلمة أرسل الله تعالى كل الرُّسُل والدليل كما قال تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[النحل 36]، هذه الآية مركبة من ركني النفي والإثبات.
الاول: النفي :{واجتنبوا الطاغوت} أن يترك وينفي المرء الطاغوت من حياته ويتركه ) وهو من ركن ( لا إله ).
الثاني: الإثبات: {أن اعبدوا الله } أن يثبت المرء الأولوهية لله وحده تعالى في كل شأن في الحياة وهو من ركن ( إلا الله ).
وقوله تعالى: {اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } أي نفي المعبود من دون الله والنفي معناه إخراجه من محياك إلى العدم فهم فهموا القوام السابقين هو ترك ذات الآلهة عندهم وليس تركا مخصوصا او تركا مقيدا وهذا هو نص كلام الله تعالى إلا إذا كنت تريد ان تحرف الكلم من بعد مواضعه فإخراجه من حياتك كونه طاغوت يعني عدم الإنتفاع به مطلقاً في حال كونه طاغوتا ولذلك قرر الشرع قاعدة الأمر والنهي كما قال تعالى: مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الحشر7]، وقال عليه الصلاة والسلام : مانهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم .[رواه مسلم].،فهذا أول ركن في ملة إبراهيم لتحقيق الإسلام إجتناب الطاغوت والكفر به وأن يعبُد المرء الله في كل شأن وأن يجتنب الطاغوت في كل شأن بهذا يكون المرء حنيفا مسلما .

{إجتناب عبادة الطاغوت أن تكون بمعنها الشامل فكل تعامل مع لطاغوت عبادة له وكل حركة في الحياة لا تخرج من العبادة والدليل قوله تعالى :{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام 162]، أي تعامل مع الطاغوت عبادة له ولا يخرج شيء في الحياة من العبادة وما خُلق الإنسان إلا للعبادة والدليل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }[الذاريات 56]، العبادة في كل شأن حتى الموت والدليل :{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [99 الحِجر]، وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها وهذه هي الأسوة التي امرنا الله بها الدليل { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة 1] .
النواع العبادة المصروفة للطاغوت في هذا الزمان والتي يجب على المرء اجتنابه فيها وهي :
{صرف الحكم والتشريع للطاغوت}
الحكم عبادة لله والدليل قوله تعالى : {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ }الآية [يوسف 67].، وحكم الطاغوت هو تشريع أحكام الدستور والقانون الوضعي الذي يحكم به الناس في جميع مؤسساته من محاكم ووزارة ومعابد والتعليم والصحة وغيرها فأي تعامل معه في هذه الأمور لقد صرف عبادة لإله باطل وصرف عبادة لحكمه الجاهلي والدليل قوله تعالى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة 50]، تنبيه,
ليس هناك قانون وافق الشريعة ليس كفر بالله كل قانون من الطاغوت كفر بالله وليس هناك شيء اسمه قانون تنظيمي من الطاغوت ليس كفر بالله كل قانون مشرع من الطاغوت كفر بالله العظيم لأن الحكم والتشريع لله والدليل قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى 21].
{صرف التحاكم للطاغوت والقانون الوثن }
التحاكم عبادة لا يصرف لغير الله ومن تحاكم للطاغوت لقد صرف عبادة لغير الله وإن كان في أحقر شيء فحكم فعله الشرك بالله لأنه لم يجتنب الطاغوت ولم يكفر به والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}[ النساء 60] .

{صرف الطاعة للطاغوت}
الطاعة عبادة ومن صرفها لغير الله فقد اشرك بالله فمن أطاع الطاغوت أمر عبده بهذه الطاعة والدليل قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [ النساء 59]، وقوله{ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران 32].

{إتباع الطاغوت وشرائعه }
الإتباع عبادة ومن أتبع الطاغوت وشرائعه وهي القوانيين الوضعية 
فقد اشرك بالله والدليل قوله تعالى :{اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} الأعراف 3]،أنواع اتباع شرائع الطاغوت في هذا الزمان كثيرة كالتعاملات التجارية بالقانون وفتح المحلات والبيوت وقيدة السيارات وتوصيل الكهرباء والماء والاتصالات والسفر ودفع الضرائب والجمارك والعلاج ودفن الموتى وغير ذلك من انواع الاتباع تجد الناس يتبعون شرائع الطاغوت بهذه الامور دون علم والله تعالى قال : وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ}[النحل56] 
واعلم ان كل اتباع لشريعة الطاغوت ينقض ( لا إله إلا الله ) اي نفي الطاغوت والكفر به واتباعه هو إثبات اولوهيته والإيمان به .
======================

الرسالة السادسة : لا عذر بالجهل في عبادة غير الله إنما العذر لمن آمن بالله وحقق الإسلام وأُكرها على فعل الكفر أو قول الكفر ولا عذر سواه .

بِسْم الله الرحمن الرحيم
لقد أثبت الله سبحانه وتعالى وصف الجهل لأقوام الأنبياء السابقين ولم يعذرهم بذلك الجهل وإليك بيانه .
1- وصف سبحانه وتعالى: قوم نوح عليه السلام بالجهل كما قال تعالى: وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُوَاْ رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ [هود:29].
2- وصف تعالى : قوم صالح عليه السلام بالجهل, كما قال : قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (الأحقاف:23)].
3- وصف تعالى : قوم لوط عليه السلام بالجهل, كما قال : أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (النمل:55].
4- وصف تعالى: قوم شعيب:{كما قال : قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (هود:91), فهذا عذر عدم الفهم وهو احد صور الجهل, هل هو مقبول عند الله تعالى؟ 
الجواب: وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (هود:94), فهؤلاء قد حل عليهم عذاب الدنيا وسيحل عليهم عذاب الآخرة.
5- وصف تعالى قوم محمد صل الله عليه وسلم:كما قال {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (الزمر:64). 
فالله سبحانه وتعالى يصف الكفار السابقين بالجهل وأثبته لهم ووبخهم عليه، وكذلك أثبت الله تعالى وصف الجهل للمشركين مكة حتى بعد بلوغهم الدعوة وأمر رسوله عليه السلام والمسلمين بالإعراض عنهم, كما قال تعالى: ُخذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (الأعراف :199), وقال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (الفرقان:63].
كما جاء النص صريحا على فعل الكفر بغير علم وأثبت الله تعالى لهم العذاب ولم يعذرهم بقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (لقمان:6), والعذاب المهين لا يكون إلا جزاء الكفر قال تعالى:أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً [النساء:151], وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ [المجادلة:5],
وبين سبحانه وتعالى من يشرك بالله ومن ذلك سب الله تعالى إنما يكون عن جهل بقوله تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:108], وقوله تعالى: وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ [الأنعام:100].
وبين سبحانه وتعالى أنه لا يتوب على من مات على الكفر وأن التوبة مكانها في الحياة الدنيا أما في الآخرة فلا يعذرهم ولا يتوب عليهم , والدليل قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء:17), وأكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (حديث حسن رواه الإمام أحمد وابن حبان وأبو يعلى وابن أبي شيبة).
إن العذر بالجهل في عبادة غير الله تعالى {عدم اجتناب الطاغوت} {الكفر الأكبر}, يخالف أصل الرسالة التي بعث بها الله سبحانه وتعالى خاتم رسله عليه الصلاة والسلام وهي أنه سبحانه جعل هذه الرسالة رحمة للعالمين بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء:107), فإذا كان العذر ثابتا للمشرك بجهله فإن غالب المشركين جاهلون وعند دعوتهم للإسلام فإن غالبهم يرفضونه لجهلهم ويترتب عليه أن ينتفي العذر بإرسال الرسول عليه الصلاة والسلام ويحق عليهم كلمة ربنا أنهم من أصحاب النار أي المخلدون فيها وهذا مناقض للرحمة إذ الرحمة تقتضي إبقاؤه على جهله رحمة به حتى يكون معذورا عند ربه ولا يكون من المعذبين وابقاء الجاهل على جهله خير له وأرحم من دعوته إن كان سيترتب على دعوته رفضه للدعوة ويتفرع على ذلك التكليف بما لا يطاق في حال ثبات التكليف بالدعوة وهو العلم المسبق بمن يقبل الدعوة ممن يرفضها وهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله وإذا علمنا من يقبل الدعوة ومن يرفضها انتفى عموم الرسالة الثابت بقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون (سبأ:28), وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف:158)
وهذا كله تناقض وضرب الكتاب بعضه ببعض و نفي لأصل الرسالة هذا إن كان (القائلون بالعذر يقصدون العذر عند الله تعالى يوم القيامة, وإن كانوا يقصدون العذر في الدنيا فهذا يستوي فيه المكلفون جميعا ومما لا خلاف فيه ويسقط قولهم بذلك،أما إذا كانوا يتكلمون بالعذر ولا يدرون متعلقه أفي الدنيا أم في الآخرة فهم ممن قال فيهم سبحانه وتعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (الحج:8), وقوله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (الإسراء:36),وإذا كانوا يقصدون العذر في الدنيا والآخرة فكفى بذلك افتراءاً على الله تعالى, وإن كانوا يقصدون صورة من صور الجهل فهذا تقييد لا يُقبل إلا بنص محكم من الكتاب والسنة, لأن مسألة العذر هي من مسائل أصل الدين التي يجب أن يرد فيها نص محكم من القرآن والسنة ولا تترك للاجتهاد لأنها تتعلق بإرادة الله تعالى وأفعاله من حيث الثواب والعقاب وهذا لا يملكه إلا الله تعالى ولا يبينه إلا هو سبحانه وليس من اختصاص البشر.
واخيراً فهذا كتاب الله تعالى ينطق بالحق (انه لا عذر لأحد فعل الكفر) ومات عليه في الآخرة ولكن من رحمته (انه حكم بعذر واحد ) لا ثاني له وهو الإكراه فمن فعل الكفر مكرها فهذا معذور في الدنيا والآخرة قال تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (النحل:106) , ولم يجعل الله سبحانه مطلق الإكراه وإنما قيده في نفس النص بعدم انشراح الصدر. فمن قال بالعذر سوى الإكراه فهو من المتخرصين القائلين على الله تعالى بغير علم ممن حكم الله تعالى عليه بقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (الأنعام:21).

======================

الرسالة السابعة: في بيان الحجة الرسالية والعذر وابطال حجة عذري المشركين في هذا الزمان .

بِسْم الله الرحمن الرحيم
القائل بعذر الجهل دليله هو : قوله تعالى: مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ً(الإسراء:15), والحديث الذي ورد في المعتوه والخرف والصبي والمجنون وأهل الفترة.
فأقول : وبالله التوفيق : الجواب على هذا: إن الدليل هو الشيء الواضح الذي يوضح غيره ويبينه فإذا لم يكن كذلك فهو ليس بدليل . 
إن دعوة الأنبياء إنما هي لعبادة الله وحده وعدم الوقوع في الكفر والرسل تُبعث في واقع غلب وسيطر عليه الكفر والدولة فيه لأهل الكفر فداعي بيان الأعذار في هذه الحالة مما لا يتوافق معه تأخيره فأحوج ما يكون الناس لبيان الأعذار إنما هو في مثل هذا الواقع ولذلك عندما وقع بعض الصحابة في الكفر بسبب الإكراه نزل الوحي مباشرة لبيان حكم الله تعالى في ذلك (إلا من أكره) وأما ما سوى ذلك فإن الله تعالى قد حكم عليه بأنه من أجل الدنيا قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (النحل:107) ، فمن فعل الكفر فقد أستحب الحياة الدنيا أي: قدم محبتها على محبة الله سبحانه وأنه جعلها أحب إليه من الله ورسوله, وفصّل سبحانه وتعالى الحياة الدنيا واستحبابها بقوله: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (التوبة:24).
والإنسان إما أن يفعل الكفر من أجل الآخرة أو من أجل الدنيا -لأجل الآباء أو الأبناء أو الأزواج أو العشيرة أو الأموال أو التجارة أو المساكن - فإن كان لأجل أي سبب دنيوي فالله يقول لا عذر,وإن كان من أجل الآخرة فهذا متناقض في ذاته إذ أن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل لدعوة الناس لترك الكفر وإخراجهم منه وأنه لا يرضى فعل الكفر أو قوله من العبد لقوله تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ (الزمر:7).،ومسألة العذر مما اختص الله سبحانه ببيانها والتي قرر بالآيات المحكمات قطعية الدلالة والثبوت انه لا عذر إلا للمكره} .
وأما بخصوص قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (الإسراء:15), فالآية مع قطعية ثبوتها ليست قطعية الدلالة فهي معارضة بآيات إثبات العذاب ولو كانت قطعية الدلالة لكان الأمر محكما يعارض محكما والله تعالى قد بين بقوله: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً (النساء:82). والقرآن يتنـزه عن هذا فما العمل ؟ 
فلا بد من : إما إلغاء النصين، وهذا مستحيل.
وإما نسخ أحدهما، وفي هذه الحالة النـزاع ما زال قائما.
وإما التوفيق بينهما.
فلا بد من التوفيق بين الأدلة وإثبات النصين واعتبار أحدهما متشابها والآخر محكما, فمدار البحث هو في العذاب وفي الحجة الرسالية ، فإنه من المقرر في الأصول أن الدليل إذا ورد فيه الاحتمال سقط الاستدلال به, فهل إطلاق عدم العذاب محكم ؟
الجواب: 
فعند القائلين بها فإنّ احتجاجهم بالإطلاق وأنها غير مقيدة فهي تشمل عذاب الدنيا والآخرة، وعندنا (المخالفين) أنها ليست محكمة ومعارضة بآيات كثيرة منها, قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً (النساء:116), وقوله تعالى: وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (غافر:6), وقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ(فاطر:36), وقال تعالى: ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً (الإسراء:39) وغيرها, وهذه الآيات تدل دلالة صريحة وبنص محكم على أمرين:
الأول:أن العذاب بحق عموم الكفار.
الثاني: أن هذا العذاب كائن يوم القيامة.

والمسألة المتنازع فيها هي:أن بعض الكفار غير معذبين يوم القيامة وهم من لم يأتهم رسول، مستدلين بقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَث حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً () وهذه الآية ليس فيها دلالة قطعية محكمة على ما ذهبوا إليه:
-فهي لا تدل على تخصيص العذاب بالكفار فقط فهي تحتمل غيرهم وبذلك فهي متشابهة.
-ولا تدل على أن العذاب مقيد بيوم القيامة بل هي مطلقة وتحتمل فهي متشابهة بخلاف الآيات التي تقرر وتنص على أن الكفار معذبون يوم القيامة.
وبناء على هذين الاعتبارين فالآية متشابهة وليست محكمة فلا تصلح معارضة لما ثبت بنص محكم قطعي الدلالة على أن الكافر معذب يوم القيامة, فما حقيقة دلالة الآية:
أولا: فمن ناحية وقت العذاب فهي مقيدة بالعذاب الدنيوي وثبوته في الآخرة للأدلة التالية:
1-قوله تعالى: وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (الإسراء:58).
2- قوله تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (القصص:59).
3- قوله تعالى: وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ(208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209,الشعراء).
4- قوله تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (الإسراء:16).
5- قوله تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً (الكهف:59).
6- قوله تعالى: فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ (الحج:45), وقوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (الحج:48).
فالإهلاك والعذاب بحق القرى إنما يكون قبل يوم القيامة بدليل قوله تعالى الصريح: وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (الإسراء :58), كما أن القرى لا تكون يوم القيامة إذ الناس يأتون في ذلك اليوم فرادى لقوله تعالى: َلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (الأنعام:94), والبشر يحاسبون كل عن نفسه لقوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (النحل:111) , فهذه الآيات تدل بنص محكم على أن العذاب والإهلاك للقرى يكون قبل يوم القيامة وأما بخصوص قوله تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (الإسراء:16) , فهي تدل على معان بحسب القراءات:
-قراءة ( أمرنا) وهو نقيض النهي والأمر لا يكون إلا عن طريق رسول فهنا تدل على أن العذاب للقرى في الدنيا متوقف على بعثة الرسول.
-قراءة ( أمرنا) بتشديد الميم وهنا العذاب متوقف على فساد الفئة الحاكمة.
-قال:( آمرنا) بالمد والتخفيف أي: أكثرنا، وهنا العذاب متوقف على كثرة أهل الفساد ويكون عاما كما أخبر عليه السلام في حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها حين قالت له: أنهلك وفينا الصالح قال: نعم إذا كثر الخبث أ.هـ(رواه الشيخان وغيرهما), وعليه فإن هذه الآية وما بعدها وهو قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً (الإسراء:17), مبينة لما قبلها وهو قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً () , فظهر بشكل جلي أن العذاب مقيد بعذاب الدنيا فقط مع ثبوت العذاب يوم القيامة، وسياق الآيات فيه دلالات تنظر في كتب التفسير مع التدبر.
ثانيا: من ناحية المُعَذَّب فهي عامة بحق الكفار والمؤمنين:
- أما الكفار فقد ثبت في قصص الأنبياء أن الله تعالى قد أهلك الأقوام الذين كذبوا رسلهم ، قال تعالى وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً (الطلاق:8) وسمّى الله تعالى قتلهم في الدنيا عذابا,: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (التوبة:14).
- أما المؤمنون فإن العقوبة لا تثبت إلا بورود النص بطريق الحجة الرسالية- أي: بإرسال الرسل بذلك- فسمى الله تعالى عقوبة المؤمن على ذنبه في الدنيا عذابا قال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (النور:2), وقوله تعالى: إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(التوبة:39) ، وقوله تعالى: لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (الأنفال: 68) , وغيرها من الآيات ومن السنة حديث زينب رضي الله عنها: أنهلك وفينا الصالحون قال:نعم إذا كثر الخبث.. الحديث رواه الشيخان وغيرهما.
وبالرد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت العذاب في الآخرة لمن لم يأتهم رسول عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النارأ.هـ (رواه مسلم), وقال النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السوائب أ.هـ ( رواه الشيخان وغيرهما).
وكذلك أبو طالب في النار والذي مات على ملة عبد المطلب فثبت أن عبد المطلب في النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب : يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله, فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك , فأنزل الله تعالى فيه : ما كان للنبي .. الآية.أ.هـ( رواه البخاري وغيره).
وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يزور قبر أمه ويستغفر لها فأذن له في الزيارة ولم يأذن له بالاستغفار لها فجلس يبكي على قبر أمه لرقته لها بسب القرابة حتى أبكى من حوله.(أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة), فثبت أنها من أهل النار لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (التوبة:113), فهؤلاء أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فثبوته لغيرهم أولى فهذه الأحاديث تجري مجرى العموم لا دليل على تخصيصها, فتواطأ القرآن والسنة على أن الكافر بإطلاق معذب في الآخرة.

وأما فيما يتعلق بحديث عذر الأربعة فقد رواه أهل الحديث ولم تسلم رواية واحدة من الطعن:
رواه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط ومسند الشاميين وأبو نعيم في حلية الأولياء وفي سند الروايات عمرو بن واقد وهو متروك رمي بالكذب.
رواه الإمام أحمد وابن حبان والطبراني في المعجم الكبير واسحاق بن راهوية وفي سندها قتادة السدوسي وهو مدلس وقد عنعنه وأسنده إلى الأحنف بن قيس ولم يلقه ولم يسمع منه.
أخرجه أبو يعلى وفي سنده ليث ابن أبي سليم وهو ضعيف لا يحتج به..
أخرجه ابن الجعد في مسنده وفي سنده عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف ومدلس وقد عنعنه.
رواه البزار بإسنادين ضعيفين.
رواه إسحق بن راهوية وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف لا يحتج به .
أخرجه ابن إبي شيبة بسندين موقوفين على التابعي أبي صالح عبد الرحمن بن قيس.
ونص الحديث كما رواه الأسود بن سريع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:أربعة يحتجون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة( فأما الأصم) فيقول رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما أ.هـ روي عن أبي هريرة ومعاذ بن جبل وأنس بن مالك رضي الله عنهم.
فالحديث على ذلك ليس قطعي الثبوت وعلى فرض ثبوته (لتحسين بعض العلماء له), فهو غير قطعي الدلالة فهو متشابه غير محكم حيث أنه لا يدل على أن المقصود بذلك من فعل أو قال كفرا (عبد غير الله تعالى) وهي المسألة المتنازع فيها,ومع ذلك سأبحثه بحثا علميا فأين التشابه الذي فيه ؟ الجواب من وجهين:
الأول: من حيث الفاعل (الأشخاص).
الثاني: من حيث الفعل (عبادة غير الله أو دون ذلك).
فمن ناحية الفاعل فان الله تعالى قرر انه لا عذر للكفار الذين عبدوا غير الله تعالى يوم القيامة وهؤلاء الذين ذكرهم الحديث ثلاثة أقسام:
الأول: من جاءهم الرسول وهم غير مكلفين شرعا وهم الهرم والأحمق والأصم.
الثاني: الخرف وهو من فسد عقله بسبب الكبر ففيه حالتان:
1- ما قبل الخرف أي وهو عاقل فهذا حاله كحال أهل الفترة.
2- عند الخرف وعند عدم السمع حاله كحال المجنون .
الثالث: أهل الفترة.
فالنتيجة انقسام المعذورين إلى قسمين اثنين بدليلين منفصلين:
- غير العقلاء وهم غير المكلفين شرعا في الدنيا وحكمهم إلى الله تعالى والدليل الحديث.
- العقلاء وهم أهل الفترة ومن في حكمهم ودليلهم قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (الإسراء:15), والحديث.
فغير العقلاء قد يقعوا في الكفر وما دونه ( المعاصي) فهم غير مكلفين وبالتالي غير معذبين على أفعالهم ولا يحاسبون عليها ولا بد لكل نفس من مستقر إما الجنة وإما النار والله تعالى لا يدخل أحدا الجنة أو النار بعلمه سبحانه وإنما بعمل العبد, فمن لم يكلف في الدنيا سيكلف في الآخرة، والتكليف في الدنيا هو الدعوة التي أرسل الله تعالى بها كل رسول وهي قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (النحل:36), أي: عدم عبادة غير الله تعالى,وحجة الله تعالى قائمة على خلقه سواء بالآيات التي على أيدي الرسل أو الآيات الكونية كما هو مقرر في كتاب الله تعالى بقوله: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (الملك:10) , والحديث يبين مسألة التكليف في الآخرة وهي:
1- أن الله تعالى يأمرهم بإلقاء أنفسهم في النار( وفي أحدى الروايات: في نار ينشئها)، وهو نفس عقد الإيمان في الدنيا وهو قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة:111) , فالتكليف هو ببيع النفس أي: إهلاكها في سبيل الله وطاعته والأمر بإلقاء النفس يوم القيامة نظير قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتا ً(النساء:66), ونظير قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (النساء:77) والقتال فيه إلقاء النفس للهلاك.
2- أن التكليف في الآخرة يكون بطاعة أمر الله تعالى حيث لا طواغيت (معبودات من دون الله تعالى), إذ أنه في ذلك الموقف يتبرأ المعبود من عابده ويتمنى العابد لو يرد فيتبرأ من المعبود قال تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ(167:البقرة), فهذا نص واضح يبين أن البراءة النافعة من المعبود إنما هي في الحياة الدنيا وليس في الآخرة فغير العاقل في الدنيا فإنه يرد إليه عقله في الآخرة ويصبح مكلفا ويكون على الفطرة التي خلقه الله عليها والتكليف بالشرائع أي السمع, فمن أطاع الأمر فقد نجى وسبقت له من الله الحسنى ودخل الجنة برحمة الله ثم بطاعته، ومن عصى فقد كفر وحقت عليه كلمة العذاب والخلود في جهنم فهذا قد أبى واستكبر فكفره يكون ككفر إبليس الذي هو من الكفر المتعلق بتفصيلات الشريعة ( أوامر الله تعالى ) والإباء والاستكبار هو كفر والطاغوت في هذه الحالة هو هوى النفس كإبليس- إذ لا يوجد ما يعبد من دون الله تعالى إلا النفس - فان الحديث يبين أن الامتحان بالطاعة (فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه ) ، لأن المكلف:-إما أنه عابد لغير الله تعالى فتكون دعوته إلى ترك عبادة غير الله تعالى.
======================
الرسالة الثامنة : قمة العناد والكفر أن يدعي المرء عدم فهم الخطاب رسوله الذي يتحدث بلغته.

بِسْم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله كل الرسل صلى الله عليهم أجمعين قالوا لقومهم قولاً وأحداً وهو قوله تعالى : اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ودليل قوله {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) الاية [النحل36]، لقد أرسل الله تعالى: كل رسول بلسان قومه اي بلغتهم التى يفهمون بها الحديث الخطاب بدليل قوله تعالى ؛ وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم)الاية [إبراهيم 
سجان الله حتى لا يقول أحدا من العالمين أنا لا أفهم لا افقه قوله تعالى: (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) 
ولا عذر في عدم فهم معنى اعبدوا واجتنبوا لأنها آيات أصل الدين واضحات بينات كشمس .
رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال : بلسان عربي مبين لقومه (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) وقال قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) فالقوم الذين معه فهموا قوله مباشرةً فكان 
رد المعاندين بعد فهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين له: كما قال تعالى عنهم : أئنا لتركوا آلهتنا لشاعر مجنون } من خلال ردهم هذا هم فهموا قول رسول الله إنه يعني أن يعبدوا الله ويتركوا آلهتهم ويعبدوا إلها واحدا ولهذا قالوا: أجعل الآلهة إلها واحداً الآية ومع كل ماعرفوه من الحق مكروا وادعو عدم فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما بين تعالى أدعهم هذا بقوله تعالى عنهم: ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } الاية مع انهم في الأول فهموا قوله وردوا عليه بقولهم أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون أنظر إلى قولهم أئنا لتاركوا آلهتنا إنهم فهىوا خطابه صلى الله عليه وسلم عندما قال لهم ( اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )إذا لم يفهوا لماذا لم يقالوا كلمات غير الترك وآلهتنا هي معنى اجتنبوا الطاغوت ؟؟؟؟
وحال المشركين في كل زمان واحد كذلك مشركين اليوم تجد المعاندين لكلام الله عندما تقول لهم (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) كما قال الله يقولون : ( كيف نجتنب الطاغوت ) ؟ أو يقولوا : هناك تفصيل ! ليس كل تعامل مع الطاغوت كفر ! هناك تعامل معه في المباح ! مع أنك تكلم القوم بنفس لغتهم التي يفهمون بها الكلام نقول لهم هذا نص كلام الله (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) من غير تقيد وهذه الآية نصها عربي بنفس لغتكم وأنتم تعلمون معنى كلمة (اجتنبوا ) تعني اتركوا وتعلموا معنى كلمة الطاغوت انه المعبود من دون الله ولكن الكفر والعناد والكبر وحب الدنيا المسيطر عليهم جعلهم يدعون عدم الفهم وهذا حاصل في كل قوم مشركين بالله مكرين .
هذا نفس قول قوم شعيب ادعوا عدم فهم كلام شعيب كما قال تعالى عنهم : قال ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول } هود ] ومن خلال ردهم الأول عليه عندما قال لهم شعيب اعبدوا الله مالكم من الهاً غيره ) قال له كما قال تعالى : قالوا ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك مايعبد آباؤنا الاية لو لاحظة في ردهم على شعيب عندما خاطبهم بعبادة الله واجتناب آلهتهم ردوا بعدم ترك الهتهم وهذا يدل على هم الخطاب بعد فهم كلام شعيب عليه السلام وإذا لم يفهوا خطابه كيف علموا من شعيب معنى (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) تعني عبادة الله وحده وترك عبادة آلهتهم وعندما استحبوا الكفر على الإيمان ادعوا عدم فهم خطاب شعيب كما قال تعالى عنهم : قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ] لقد ادعوا في الاخر انهم لم يفقهوا كلام شعيب الواضح الصريح اعبدوا الله مالكم من الهاً غيره .

======================

الرسالة التاسة : المعركة بين الحق والباطل في هذا الواقع .

بِسْم الله الرحمن الرحيم
المعركة بدأت منذ وقوع الشرك الأول في بني آدم والمعركة قائمة لم تهدأ مستعرة لم تخب بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر ولقد تمثل الشرك الأول في الركنين الأساسين لمفهوم العبادة وهما:
1- التقرب والتوجه والتنسك.
2- الطاعة والتشريع والأتباع.
وهما ركنان متداخلان وما صح لدينا من أخبار الأمم الشركية الأولى مثل ؛ قوم نوح والدليل على ذلك قوله الله تعالى: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح23].،هذه الأصنام التي تنسكت الجاهلية الأولى بالتقرب إليها، وهي في الأصل أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كان يجلسون أنصابا (تماثيل) ، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد (أول الأمر) حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عُبدت. و روى مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا.. الحديث.
نجد انحرافهم في الطاعة والتشريع، المقارن لشركهم في التقرب والتنسك.
ومن ثبات السنن الدالة على وحدة " المعركة " أولا وآخرا أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، والعرب واقعة في الشرك في هذين الركنين عينهما، فقد كانت تعبد الأصنام نفسها التي عبدها قوم نوح، إذ " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب أما (ود فكانت لكلب بدومة الجندل).
وأما (سواع فكانت لهذيل) وأما (يغوث فكانت لمراد).ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما (يعوق فكانت لهمدان)، وأما (نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع )، مع ما أضافه عمرو بن لحي الخزاعي من أصنام أخرى كاللات والعزى ومناة وهبل غيروا بها ملة إبراهيم.
إن حقيقة المعركة التي خاضها الأنبياء مع أممهم، والسنة الثابتة في دعوتهم، لا تتجلى إلا لمن عرف حقيقتين مهمتين ينبغي لمن أراد الانضمام لموكبهم الكريم وركبهم الناجي أن يجعل معرفتهما منطلقا لدعوته وأساسا لمنهجه..............
1- طبيعة دين الحق القائم على قوله تعالى الذي أرسل به كل الرسل بقوله تعالى :{اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } الاية[النحل 36], وأن يتحقق اجتناب الطاغوت في واقع الأرض كما أراد الله مثل ما أنزله من دون تقييد وتعسف.
2- معرفت طبيعة الجاهلية التي نزل القرآن لإبطالها وحربها والآن وقد دار الزمان دورة ثالثة حتى عاد كهيئته يوم أن بعث الله موسى عليه السلام ومحمدا صلى الله عليه وسلم (حيث تردى الإنسان المعاصر في واقعنا هذا إلا مارحم الله في عين ما وقع فيه قوم موسى وقوم محمد صلى الله عليه وسلم . 
أ- فقوم موسى كانوا يعبدون ملكهم الطاغية فرعون وكان هو مصدر الحكم والتشريع والتحاكم والطاعة والاتباع والنصرة كما قال تعالى عنه وما أوريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } وأضل فرعون قومه وما هدى .
ب- قوم محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مشركين بالاوثان في التقرب والنسك والتشريع والطاعة والاتباع وغيرها وكان مجتمع قبلي يختلف من الواقع الفرعوني فواقع موسى فرعوني ووقع قويش قبلي وواقعنا هو واقع فرعوني والحكام فيه يتعاملون طريقة فرعون مشرعين للدساتير والقوانين والحكم والتحاكم والإتباع والنصرة لهم و للالوثان الدستور والقانون والشعوب بنفس التفكير تحب الدستير والقوانين ويرشحون من يريدون ان يعبدوه من دون الله .
وكان لزاما على أولي البقية الذين ينهون عن الفساد في الأرض واظهار الباطل تجلية هذه الحقائق وبيانها للناس . 
وليس أمام " الغرباء " الذين يريدون القيام مقام " الأنبياء " بهداية الناس للحق، ويمثلون " الإسلام الذي كتب الله أن يظل دينه الحق لا يضرهم من خالفهم - ليس أمامهم من خيار في البدء بتصحيح العقيدة، وتجلية مفهوماتها من خلال هاتين الحقيقتين ثم البيان العلمي الواضح لأصول الدين وحقائقه وقد دل استقراء نصوص الكتاب والسنة أن هذا الدين يقوم على أصلين:
الأول : ألا يعبد إلا الله (بالمعنى الشرعي الكامل للعبادة ) .
الثاني : إجتناب الطاغوت وألا يعبد الله إلا بما شرع .
هذا في حقيقته وذاته، أما أسلوبه العلمي ومنهجه الدعوي (وهو الجانب الذي يهمنا الآن) فقد تضمنته آيات من سورة الحديد بقوله تعالى : الحمد لله الذي أرسل رسله بالبينات والهدى، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قوي عزيز } إن قوام الدين بالكتاب الهادي، والحديد الناصر كما ذكره الله تعالى ـ أي في آية الحديد السابقة - فعلى كل أحد الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى ولطلب ما عنده.
======================

الرسالة العاشرة : مسائل مستنبطة من قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}الاية [النحل 36].

بِسْم الله الرحمن الرحيم
المسالة الأولى : معنى الآية " لا إله إلا الله" هو: والإله هو المألوه والتأله عمل من الأعمال وكونه منفيا عن غير الله ترك من التروك والتعامل مع المخلوق كإله هو الشرك بعينه الذي إرسال الله كل الرسل من أجله كما قال {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الانبياء25] .

المسالة الثانية :من لم يعبد الله مطلقاً لم يجتنب الطاغوت مطلقاً لأن قوله واجتنبوا الطاغوت آية مطلقة كما تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}الاية [النحل 36].}.
المسالة الثالثة :طلب الأوراق الثبوتية بجميع أنواعها والشهادات بجميع أنواعها من الطاغوت عدم إجتناب الطاغوت بنص الآية وطلب شيء من الطاغوت عدم ينفي الطاغوت بل هو إثبات للطاغوت وشرعه لأن استخراج هذه الاوراق من الطاغوت وبالقانون .
والله تعالى قال :{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى21]. 

المسالة الرابعة : ترخيص المباني والمحلات التجارية من الطاغوت عدم اجتناب الطاغوت بنص الآية لان هذا الفعل الترخيص من الطاغوت لأن ذهاب المرء للطاغوت وطلب الترخيص منه لسيارة أو محل تجاري أو ترخيص أي شيء بالقانون عدم اجتناب والله لم يأذن اخذ تحليل من غيره لأن الترخيص هو التحليل فهل حرم الله قيدة السيارة ؟ وقال إلا بترخيص أم من جملت المباحات الطاغوت حرم قيادتها إلا بترخيص والله تعالى قال {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ} [يونس59].

المسالة الخامسة : طاعة واتباع الإشارة المرورية والوقوف عندها طاعة لها واتباع للقانون الجماد من دون الله كطاعة هبل عدم اجتناب طاغوت الاوثان كما قال الله تعالى {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج 30].
المسالة السادسة :العمل مع الطاغوت في وزارته وبشرعه عدم اجتناب الطاغوت بل تثبيتا لكرسي الطاغوت والعامل مع الطاغوت ادعاء الأولوهية وتخويل سلطة من الطاغوت عندما يمارس الموظف التعامل مع المشركين في وزارة الطاغوت ومعلوم التعامل في الوزارت بالقانون والسلطة والذي ينفذ القانون تشريع الباطل في عباد الله وهو راضي بتنفيذه طاغوت لأن السلطة الطاغوتية تقوم على ثلاثة سُلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وقال تعالى : فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}[القصص8].

المسالة السابعة: التعليم في المدارس والجامعات ومعاهد الطاغوت ووفقا لمنهج الطاغوت وشرعه وطقوسه الشركية عند الوقوف للعلم الجماد والقاء تعاويذ عند الوقوف له وتعظيمه وفعل هذه الأمور عبادة لجماد وثن وهذا عدم اجتناب الطاغوت بنص الآية واجتنبوا الطاغوت .

المسالة الثامنة : دفع الضرائب والجمارك وشراء الكهرباء والماء والغاز والسلع من مراكز من الطاغوت ودفع الرسوم في المستشفياته والتبرعات كل هذه الأمور السالفة الذكر تعامل مع الطاغوت والله قال واجتنبوا الطاغوت وبهذه التعاملات لم يجتنب المرء ولم نفيه بل هو اثبات اولوهيته ونصرتة الطاغوت بالمال والدليل قال تعالى : {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ}[74يس].
والحمدلله رب العالمين.


1 التعليقات:

عـــلـــمـــاء الـسـوء طـــواغـــيـــت

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More