الاثنين، 7 أغسطس 2017

الكفر والشرك حقيقتهما والعلاقة بينهما





الإسلام هل أصبح حقيقة مجهولة

الكفر والشرك
حقيقتهما والعلاقة بينهما


                       بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على صاحب الشرع الحكيم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله
الأخوة طلاب الحق والإتباع .
السلام عليكم ورحمة الله وبعد:
إن الآفة العظمى في انحراف المنتسبين إلى الكتب السماوية بينه تعالى بقوله: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله () ولذلك كانت دعوة الله تعالى لهؤلاء كما بين سبحانه: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد ألا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله الآية.
 فاتخاذ الأرباب شرك بالله ولكن النكتة في ذكره من باب التأكيد وبيان أن عامة كفر أهل الكتاب من اتخاذهم بعضهم بعضا أربابا وهذا البعض المقصود به: الأحبار والرهبان،لأنهم يتكلمون بحكم الصفة الشرعية التي تبرر الأمور شرعيا مما يثبت أنهم ما زالوا داخل الأمر الشرعي. ولذلك بين تعالى أن هداية أهل الكتاب من الصعوبة بمكان بقوله: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك الآية. لأنك إذا دعوتهم إلى الحق بادلته قابلوك بأقوال الأحبار والرهبان.
وترتب على ذلك أن الكلام في الأحبار والرهبان ( المشايخ) خط احمر عند أصحابهم فبهم الحب والبغض وعليهم هالة من التقديس والتعظيم أكثر مما هو لله تعالى ورسوله عليه السلام والواقع اكبر برهان. ومن اجل هذا قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد () فهذا ميزان ثابت إلى يوم القيامة توزن به الأعمال والأقوال عام بحق أي شخص عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم،وهذا الحديث له اثر عظيم خاصة في الواقع الكفري الطاغوتي لأن الفتن أعظم والتحريف أعظم ففي الواقع الكفري لا بد أن يكون الإنسان على أعلي درجات الحذر عاملا بهذا الحديث.
هذه مقدمة كان لزاما علي إيرادها بين يدي موضوعي هذا تذكيرا ونصحا لقوله تعالى: وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون  الآية فمما أحدث في هذا الزمان التفريق بين الكفر والشرك بلا دليل شرعي محكم أو ظني مما ترتب عليه نتائج خطيرة وتأصيلات هدمت الدين( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) ووضعوا لذلك قواعد مبتدعة منها:
- -
كل شرك كفر وليس كل كفر شرك.
-
إن المشرك غير معذور والكافر معذور.
-
إن الشرك والكفر حكم الدنيا ولا يلزم منه أن يكون مشركا أو كافرا في الآخرة.
-
وهذا القول مبني على ثلاث مقدمات عند القائل به:
الأولى: القاعدة التي تقول ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه.
الثانية: إن هذين اللفظين بينهما عموم وخصوص كلفظ الإسلام والإيمان.
الثالثة: إن الكفر معناه اللغوي الستر- ولم يبينوا علاقة المعنى اللغوي بالمعنى الشرعي أو المعنى الشرعي وبقى الأمر مبهما-.
أقول وبالله التوفيق :إن الحديث في دين الله تعالى لا بد أن يكون مستندا إلى قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام وإذا ذكر قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام يجب الرد بالمثل .
لقد قرر الشرع الحكيم أن الكفر هو الشرك والعكس صحيح بآيات محكمات تواطأ على ذلك القرآن كله على ذلك وعجبا لمن يدّعي التوحيد ويحسب نفسه من الدعاة المشار إليهم بالبنان كيف يجهل هذا ؟!!!فأي علم يعلمه ولا يعلم ما تواطأ عليه القرآن وصدق عليه قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس   رؤسا جهالا  فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا () فلفظ الكفر بتصريفاته ورد في أكثر من 420 آية وأمر بهذه الصورة كيف يكون خافيا ؟!!!!!.أما الأدلة على إن الكفر هو الشرك والعكس صحيح منها:
أولا: سورة البقرة:
1- في سورة البقرة والتي قسمت الناس في أولها إلى ثلاثة أقسام:
خمس آيات تحدثت عن المتقين وهم المؤمنون.
وآيتان تحدثتا عن الكفار.
وثلاثة عشر عن المنافقين.
والذي يعنينا قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون () ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم () فأين المشركون ؟ الجواب:أنهم هم الكافرون. فالآيات قررت أن الكافرين هم المشركون فهي لم تذكر لفظ المشركين فكل كافر مشرك.
2- قوله تعالى: فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (). أين المشركون ؟ الجواب: أنهم هم الكافرون وهل اعد الله النار للكافرين دون المشركين؟!!!.
3- قوله تعالى: ولكن الشياطين كفروا ()
4- قوله تعالى: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا () وهؤلاء الذين كفروا هم المشركون من العرب (الأوس والخزرج) هذا وصف للمشركين بأنهم كفار.
ثانيا: سورة آل عمران:
1-  قوله تعالى: إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار (). وهؤلاء هم المشركون .
2- قوله تعالى: قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد () وهؤلاء هم مشركوا العرب وصفهم الله تعالى بالكفر.
3- قوله تعالى: فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين () وهذا المقصود به المشركين. ولو أردت أن اذكر الآيات من كتاب الله تعالى لذكرت عشرات الآيات. ومن الأدلة الواضحة قوله تعالى: هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن () والكافر هو المشرك. وقوله تعالى: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين () وهؤلاء هم المشركون.إذ أنه ليس ثمة إلا مسلم _ سواء كان فاسقا أو غير فاسق_ وكافر سواء كان مشركا أو منافقا.
ثالثا:من الآيات التي تنص صراحة على أن الكافر مشرك:
1-  قوله تعالى: والذين كفروا أوليائهم الطاغوت () وهؤلاء هم عبدة الطاغوت وعابد الطاغوت مشرك بالله تعالى.
2- قوله تعالى: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وما لهم من ناصرين () فالله تعالى يبين أنهم كافرون لأنهم أشركوا.
3- قوله تعالى: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون () فالله تعالى وصف الكافرين عامة أنهم يعدلون بربهم ومن يعدل بالله سبحانه فقد أشرك.
4- قوله تعالى: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم () فهذا وصف للكافر بأنه مشرك. 5- قوله تعالى: هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب () وأهل الكتاب مشركون والله تعالى حكم  عليهم بالكفر وأن هذا الأصل.
6- قوله تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم () وهم المشركون فاكتفى بوصف الكفر لأنه الشرك. والآيات كثيرة على هذا.
رابعا: بدلالة المطابقة:
1- قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء () فالله تعالى يقرر أن الشيء الذي لا يغفره هو الشر، وقال تعالى: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به... الآية، وهذا دليل على عدم المغفرة.
فالكفر لا يغفر والشرك لا يغفر فهما سواء. وقال تعالى: إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ()فالله تعالى يبين:
-
أن الكفر لا يغفر وبينه بقوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية فالكفر هو الشرك والعكس.
-
أن الكافر في جهنم خالدا فيها أبدا وهذا هو الشرك وبين ذلك بقوله: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا () خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا ()
2-   قال تعالى: ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا () فالضلال البعيد هو الشرك، وقال تعالى: مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد () فالكفر هو الضلال البعيد والشرك هو الضلال البعيد فهما سواء.
وقد بين الله تعالى بيانا فاصلا لمن شرح الله صدره للإسلام هذا الأمر بقوله: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي نزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ()فالضلال البعيد هو الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهذا الكفر هو الشرك أما إذا كان من يتكلم بالتوحيد لا يدري كيف يكون الشرك فهذه من معجزاته عليه السلام حيث أخبر أن هناك دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها وبين أنهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا()
وماذا يقولون في سورة الكافرون: قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون () ومعلوم أن من عبد غير الله تعالى فهو مشرك والله تعالى جعل وصفه الحقيقي والأصلي الكفر.
خامسا: أما بخصوص الاستدلال بقاعدة ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه:
 1- هذا ليس دليل في محل النزاع مقابل الأدلة من قول الله تعالى.
2-   ما الدليل على هذه القاعدة ؟ وهل هي عامة بكل كفر أم أنها تتحدث عن كفر مخصوص.
3- قاعدة:من لم يكفر الكافر فهو كافر () هذه القاعدة هي عامة بحق كل من عبد غير الله تعالى إذ أن الإسلام مبني على لا اله إلا الله لقوله تعالى:وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون() والتي تتكون من ركنين:
الأول: النفي وهو قوله: لا إله.
الثاني: الإثبات وهو قوله: إلا الله.
وقوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا اله إلا أنا فاعبدون() وبين سبحلنه وتعالى معنى ذلك بقوله: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين().
فركن النفي في الآية الأولى هو: لا إله وفي الآية الثانية اجتنبوا الطاغوت.
وركن الإثبات في الآية الأولى هو: إلا الله وفي الثانية اعبدوا الله،فالكفر يتعلق بشقي التوحيد:
- فبما يتعلق بشق النفي الذي هو اجتناب الطاغوت فمن لم يجتنب الطاغوت فقد وقع في عبادته وهذا هو الكفر المخرج من الملة وهو قسم واحد لا ثاني له تواطأ على ذلك القرآن والسنة واجتمعت عليه الأمة ولم ينقل عن عالم من أهل الإسلام خلاف ذلك وهذا هو مناط قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر،إذ أن من لم يحكم على من عبد غير الله تعالى بالكفر فهو كافر.
- أما ما يتعلق بشق الإثبات الذي هو اعبدوا الله وهو تفصيلات الشريعة أي كيفية عبادة الله تعالى العملية منها وهي الأوامر والنواهي والخبرية وهي المتعلقة بتفصيلات الأسماء والصفات وتفصيلات الأنبياء وما يتعلق بهم وتفصيلات اليوم الآخر ومنها حياة البرزخ فالكفر بهذه الأمور ثلاثة أقسام:
1-  كفر أصغر غير مخرج من الملة وهو:
أ- مخالفة النواهي كشرب الخمر والسرقة والزنا ونحو ذلك.
ب- مخالفة الأوامر على خلاف في الأركان الأربعة ( الصلاة والزكاة والصيام والحج) واتفاق في باقي شعب الإيمان.
2-   كفر اكبر لا يحكم على فاعله بالكفر إلا بعد إقامة الحجة وهذا ما أطلق عليه العلماء المتأخرون عن القرون الثلاث الأولى مصطلح كفر المعين وهو متعلق بمسائل الأسماء والصفات كخلق القرآن ونحو ذلك ومن قامت عليه الحجة ولم يرجع عن قوله يقام عليه حد الكفر في الدنيا أما في الآخرة فحكمه الى الله تعالى كما صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن كفر هذا ليس ككفر اليهود والنصارى.
3-  كفر اكبر مخرج من الملة وهو أول كفر حصل في الخلق كفر إبليس عندما رد أمر الله تعالى الصريح المحكم بمجرد الرأي وهذا لا يكون إلا بتحقق الشروط التالية:
الأول: العلم اليقيني بالأمر الشرعي.
الثاني: أن يكون محكما معلوما من الدين بالضرورة.
الثالث: عدم  الرد الى دليل شرعي مطلقا أو الى دليل شرعي في الأمور التي اتفقت عليها الشرائع والعقول.
الرابع: أن لا يكون حديث عهد بالإسلام وكان على ملة تبيح هذا الأمر ورثه عن آبائه .
فهذا هو مناط قاعدة: ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه،فمناطها مخصوص بهذا فقط.
وقد ترتب عليه أن الشرك لاعذر فيه إلا بالإكراه وأما الكفر فيعذر بالإكراه والجهل والتأويل وغيره مع أن العذر ورد بحق الكفر وليس الشرك فانقلب الأمر عندهم فترتب على الاستدلال بعموم قاعدة: ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه- أن هناك أمورا حكم الشرع على فاعلها أنه كافر جعلوا فاعلها ليس بكافر. - كذلك فان قاعدة ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) تتحدث عن الكفر وليس عن الشرك فلا يصح الاستدلال بها على اعتبار الفرق بين الشرك والكفر لأنه ليس كل كفر شرك بينما كل شرك كفر فمن ارتكب شركا فليس هناك قاعدة تقول : من لم يحكم على المشرك بالشرك فهو مشرك .وسيترتب عليه أن يصف إنسان ما شيء بأنه كفر ولا يصفه بالشرك فما كان عند البعض شرك كان عند البعض الآخر كفرا وما كان عند البعض كفرا كان عند البعض الآخر شركا فترتب على ذلك أن تفرق الناس في أصل الدين فليس هناك ضابط وميزان واضح ودقيق يوضح الأمر وهذه بدعة جديدة نتيجة التفريق بين اللفظين والله تعالى يقول : قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون() فهذه أمور لا يسع الخلاف فيها ولا تحتمل إلا قولا واحدا ويجب أن تكون موضع اتفاق .

سادسا: إن الاستدلال بما يتعلق بمسائل الكفر على مسائل الإيمان من أعظم التحريف أي قياس مسائل اجتنبوا الطاغوت على مسائل اعبدوا الله فهذا القياس قياس مع الفارق وهو قياس فاسد غير معتبر،
فلفظ الإيمان والإسلام فيهما خصوص وعموم من حيث الافتراق والاجتماع ولذلك قال العلماء: إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ()،فهل هذا ينطبق على لفظ الكفر والشرك ? كلا وألف كلا:
إن لفظ الكفر إذا اجتمع مع لفظ الشرك فهو من باب تفسير الشيء بمثله أي انه نفس المعنى أو لرفع توهم كأن يظن البعض من وصف معين أنه ليس كفر كمصطلح أهل الكتاب بدليل قوله تعالى: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم () وقوله تعالى: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله () وكذلك فان الأدلة القرآنية نصت بشكل صريح أن الكفر هو الأصل وأن الشرك سبب له بورود اللفظين معا في نفس السياق بلا خلاف:
قوله تعالى: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ().
وقوله تعالى: قال له صاحبه أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا () لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا () الى قوله: يا ليتني لم أشرك بربي أحدا().
وقوله تعالى: تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا ادعوكم الى العزيز الغفار ()
ولكن ألفاظ الشرك والكفر والظلم والفسق لا تدخل في هذه القاعدة وإنما تدخل في قاعدة: اختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات:
- فالكفر على اعتبار نقض الإيمان بالله تعالى.
- والشرك على اعتبار صرف شيء لله تعالى إلى غير الله تعالى أو رد الأمر الى غير الله سبحانه وغير الرسول عليه الصلاة والسلام.
- والظلم على اعتبار وضعه الأمر في غير محله.
- والفسق على اعتبار خروجه عن الحق.
وهذا القول- التفريق بين الأمرين ( الكفر والشرك)- ترتب عليه عدم ضبط وتحديد لأصل الدين وتأصيل باطل مردود وهو أن الكفر يغفر والشرك لا يغفر.
- إنّ التعامل مع لفظ الإيمان والإسلام يترتب عليه أحكام منها أن من أظهر الإسلام لا يلزم منه أن يكون مسلما أو مؤمنا على الحقيقة وكذلك من كان مسلما على الحقيقة لا يلزم منه عدم التعذيب.
وإذا اعتبرنا المعاملة بالمثل مع الكفر والشرك فمن اظهر الكفر والشرك لا يلزم منه أن يكون كافرا أو مشركا على الحقيقة وقد يكون معذورا عند الله. ولذلك قالوا بان من كان مشركا أو كافرا في الدنيا قد يكون معذورا غير معذب في الآخرة بدليل قوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ()- علما بأن هذه الآية مناطها في الدنيا وليس في الآخرة بأدلة قرآنية منها:
-
قوله تعالى: وما كان ربك مهلك القرى بظلم حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ()فالإهلاك للقرى متوقف على إرسال رسول وهذا لا يكون إلا في الدنيا كما أن لفظ قرى لا يقال إلا في الدنيا وقوله تعالى: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا() صريح بلفظ العذاب والإهلاك معا وانه قبل يوم القيامة أي في الدنيا وان شاء الله تعالى نفرد هذه المسألة بموضوع مستقل لاحقا والحمد لله تعالى قد تم ذلك-وعلى القول بعدم التعذيب يوم القيامة فمعنى ذلك أن من كان حكمه الكفر والشرك في الدنيا فحكمه حكم ظني وليس يقيني ومعنى ذلك أن الأحكام على غير حقيقتها في الشرع وهذا يؤدي إلى التوقف على الأقل بالحكم على فاعل الشرك أو الكفر أنه مشرك أو كافر إلا إذا اجتمع الكفر الظاهر مع الباطن وهذا هو مذهب غلاة الإرجاء،لأنه بناءا على هذا من قال بأن من فعل الكفر والشرك لا أحكم بكفره ولا شركه لأني قد أكون مخطئا وليس عندي علم يقيني يكون كلامه معتبرا حسب هذا القول ونتيجة هذا القول إسقاط للأحكام الشرعية عموما كونها تصبح غير حقيقية وإنما حقيقتها باطنة وليست ظاهرة.
-
قوله تعالى: من كفر بالله من بعد أيمانه إلا من اكره () دليل على أن الإكراه عذر لمن فعل الكفر وهذا نص عام على جميع أنواع الكفر. وعليه فلا يدخل في الآية من أشرك مكرها ولا يوجد نص على أن الإكراه عذر لمن ارتكب الشرك مكرها.فهل من فعل الشرك مكرها معذور ؟ وان كان معذورا فأين الدليل الصريح على عذره.وان لم يكن معذورا فقد قنط القائل بهذا المكرهين من رحمة الله تعالى وحق عليه قوله تعالى: ولا تيأسوا من رحمة الله إنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون() وكفى بهذا ضلالا وتخريفا والقول الحق إن هذه الآية أعظم دليل على أن الكفر هو الأصل وأن الشرك سبب الكفر لأن دليل الإكراه ورد بحق الكفر الذي هو الشرك كونه لم يرد نص بلفظ الشرك فان قيل إن الشرك أعظم من الكفر والشرك يدخل في الآية من باب الأولى قلنا لهم: وعلى هذا الاعتبار يسقط قولكم بالتفريق وان هناك أعذارا غير الإكراه للكفر لان النص ورد بالإكراه فقط ولكن إذا حدث الابتداع انقلبت الشريعة.
وهذه الآية تبين أيضا معنى الكفر وأنه قسيم الإيمان فقوله: من كفر بالله من بعد إيمانه الآية() أي من نقض إيمانه فالكفر هو نقض الإيمان وبناء علي أنه الشرك فيكون الشرك سببا له أي لا يكون الكفر الأكبر إلا بالشرك الأكبر فالعلاقة بينهما علاقة سبب ومسبب.
و القائل: أن المشرك معذب أما الكافر فلا يلزم منه ذلك أ.هـ فإن هذا تأصيل باطل وردا لقوله تعالى: وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار () وكذلك قوله تعالى: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا... الآية . والآيات أكثر من أن تحصر على هذا.
سابعا: بخصوص الآيات في سورة الكهف وهي: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا () وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا () قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم سواك رجلا () فالله تعالى حكم عليه بالكفر بناءا على شكه باليوم الآخر ثم بين تعالى أن هذا الكفر هو الشرك بقوله: لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا () ثم بين تعالى مؤكدا ذلك بقوله: وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا() فصاحبه قال له في البداية أكفرت ثم اخبر عن نفسه بقوله: يا ليتني لم أشرك بربي ()
فالحكم الأصلي هو قوله تعالى: أكفرت ثم بين انه هو الشرك بقوله: يا ليتني لم أشرك بربي () فالشرك هو الكفر إذ إن العلاقة بين الشرك والكفر هي علاقة بين سبب ومسبب فالشرك سبب للكفر ولا كفر إلا بالشرك.
هذا ما أردت بيانه إحقاقا للحق : ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز))
               والعلم ليس بنافع أربابه          إن لم يفد نظرا وحسن تبصر
وأسأل الله تعالى أن لا نكون ممن قست قلوبهم وكانوا ممن قال فيهم عز وجل: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك () وأن لا يجعلنا ممن يتبعون أهواءهم بغير علم أو أن نكون ممن يتبعون الأقوال المجردة التي لا تستند إلى الشرع الصحيح.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله أنت أستغفرك وأتوب إليك
والحمد لله ب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين 
والسلام عليكم ورحمة الله

1 التعليقات:

من صاحب الكلام ولمن ينسب ؟؟

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More