الاثنين، 2 أكتوبر 2017

سلسلة كشف الإضطراب عن آية الإجتناب ..من 21 الى 30


كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (21)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف الفرق : بين طاعة الولدين وبين برَّ الوالدين .أهـ
أقول بعون الله
هناك فرق بين مفهوم الطاعة للوالدين، ومفهوم "بر الوالدين"
إن أهمية التفريق بين أمرين مهمين جدًّا لقد التبس على كثيرٍ منّ الناس فهمهما الصحيح، الفرق بين مفهوم "الطاعة" للوالدين، ومفهوم بر الوالدين فالطاعة لا تكون سوى لله ورسوله، ولم ترد أي آيةٍ من آيات برِّ الوالدين في القرآن فيها كلمة "طاعة" إلا في موضوعٍ واحدٍ وهو حالة الشرك في الله فقال "لا تطعهما"، ذلك التفريق بين المعنيين ينبني عليه التالي:
أ- أنَّ الطاعة تكون استجابةً للأمر من دون مناقشةٍ ولا خِيَرة، كطاعة أوامر الله ورسوله إذا قضيا أمرًا، بينما يختلف الأمر مع الوالدين فالمراد "إرضاؤهما"، وهو مُقتضى معنى البرِّ والمصاحبة والإحسان والوصية، وإرضاؤهما يمكن أن يحصل من دون تنفيذ أوامرهما، أو قد يحصل بعد مناقشتهما في رأيهما وإقناعهما بصواب رأيك أنت أو غير ذلك.
ب- أنَّ الطاعة تدخل في المسائل الاعتقاديَّة لأنَّها مطلوبةٌ لتنفيذ ذات الأمر،بينما لم يأمرنا الله بتنفيذ أوامر الوالدين كلِّها هكذا وعلى الإطلاق، وإلا للزم أن ننفِّذ كلَّ ما يطلبانه سمعًا وطاعة!
ج- أنَّ الطاعة تحكُّمٌ وخضوع، وهذا يُطلَب لله سبحانه وحده، بينما لا يجوز مع الوالدين أو غيرهما.
خ- كثيرًا ما يتمُّ تصوُّر أنَّ برَّ الوالدين يكون بالإستجابة لكلِّ أوامرهما،وهذا ناشئٌ من الخلط بين مفهومي "البرّ" و"الطاعة"، وهنا يجب التفريق بين ما يخصُّ الوالدين ويدخل في دائرة حقوقهما، وبين ما يخصُّ الابن أو البنت ويدخل في دائرة حقوقهما،
ولكن يحقُّ للوالدين أدبًا، ومن باب المصاحبة والإحسان، إبداء الرأي والمشورة في ذلك، وبعد هذا الرأي والمشورة يعود القرار لصاحبه.

كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (22)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة : من يقولون ان الطاعة القبول الباطني لتشريع وأعمال الجوارح من غير رضى الباطن ( القلب ) لا يكفر صاحبها إلا بالرضى القلبي .!!! هـ
قالوا مانصه : أن المعني اللغوي للطاعة : هو كما جاء في القاموس المحيط: (طاع له يطوخع ويطاع: انقاد، كانطاع،وفرس طوع العنان: سلس، والمطواع: المطيع).وفي لسان العرب: (الطوع : نقيض الكره ... وقال ابن سيده: وطاع يطاع وأطاع: لان وانقاد، وأطاعه إطاعة، وانطاع له، كذلك). أما ي القرآن الكريم: فقد وردت مادة (طَ وَ عَ) في عشرات المواضع منه، ذات دلالات متقاربة، تعود في جملتها إلى المعنى اللغوي السابق. قال الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن: (الطوع: الانقياد ويضاده الكره، قال تعالى{ائتيا طوعاً أو كرهاً}، {وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً}.أهـــ
اقول :
1- أصحاب هذه الشبهة يفسرون اللفظ القرآني تفسيرا لغويا صرفا ولم تلتزموا تفسيره بما ورد في القرآن أو السنة أو عن الصحابة ومن بعدهم علما بأن التفسير معناه: إظهار المعنى المعقول للفظ.
2- لم يكونوا أمينين في النقل فلم يذكروا من قول:{ ابن منظور في لسان العرب ما يخالف مذهبهم الباطل مع أنه من معنى اللفظ وهذا قوله : وفي التهذيب وقد طاع له يَطُوعُ إِذا انقاد له بغير أَلِف فإِذا مضَى لأَمره فقد أَطاعَه فإِذا وافقه فقد طاوعه... فإِذا جئت إِلى الأَمر فليس إِلاَّ أَطاعَه يقال أَمَرَه فأَطاعَه بالأَلف طاعة لا غير وفي الحديث هَوًى مُتَّبَعٌ وشُحٌّ مُطاعٌ هو أَن يُطِيعَه صاحبُه في منع الحقوق التي أَوجبها الله عليه في ماله وفي الحديث لا طاعةَ في مَعْصِيةِ الله يريد طاعةَ وُلاةِ الأَمر إِذا أَمرُوا بما فيه معصية..أ.هـ.
فما ذكره ابن منظور واضح بين بأن الطاعة متعلقة بالأفعال وامتثالها ولم يرد إطلاقا ما يدل على ما ذهبوا إليه .
3- قررو أن معنى الطاعة من مادة (طوع) في القرآن والتي جاءت في عشرات المواضع تعود في جملتها إلى المعنى اللغوي وهم يقرون بأن لفظ الطاعة ومشتقاته وردت في عشرات المواضع من كتاب الله تعالى ويعود معناه في الجملة إلى المعنى اللغوي وليس إلى المعنى الذي زعمته (القبول القلبي لتشريع } .
4- الطوع نقيض الكره يعني أن من أطاع على مطلق اللفظ فقد أحب ومن كره لا يطيع على مطلق الطاعة ولذلك قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (آل عمران:31)، فدل على أن الحب مقيد بالإتباع وهو عمل ظاهر وليس بالباطن القبول القلبي!!!!!
وقالوا مانصه: ومعنى الطاعة في اللغة ينقسم الى قسمين :
أ‌-إنقياد باطني بالقبول والرضي والدليل على ذلك قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت (11) فقوله تعالى (اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا) ذكر حالتين لفعل الإتيان وهو الإتيان مع الكره والاتيان مع الطوع وهو الرضي وهذا يدل على أن المخلوق قد يطيع على حالتين , حالة وهو راضي والاخرى قد يطيع وهو كاره ولكنه مغلوب (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) اي أتينا راضيتين مستسلمتين.
ب‌- إنقياد ظاهري بالجوارح كفعل الاتيان وغيره من الأفعال المأمور بها من قبل الآمر وقد تتحقق هذه الطاعة مع الكره وعدم القبول القلبي وهو ماعناه شيخنا (إبن منظور) في لسان العرب بقوله (الطوع : نقيض الكره), فأمر الله عزوجل للأرض والسماوات جاء بالتخيير إما بالطاعة والانقياد مع الرضي أو بالطاعة والانقياد.
كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (23)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة: القياس بين العملة والاوراق الثبوتية البطاقة والجواز والرقم الوطني. قالوا العملة صادرة من الطاغوت وبأمره وشرعه والهيئة التي يقررها وعليها شعاره. أهـ
أقول بعون الله :
أولاً : العلم يقوم على ركنين العلم بالواقع والعلم بالحكم الشرعي فحتى يكون الشيء شركاً لا بد أن يكون عبادة لغير الله ولا يكون الشيء عبادة إلا إذا كان بأحد معاني العبادة هي :
التسمية بالاسماء الحسنى - التقرب
- السؤال -الاستغاثة - التشريع- الحكم بالتشريع - التحاكم الى التشريع - الطاعة،
-الاتباع - النصرة - المحبة.
فكل حركة في الحياة لا تخرج عنه هذه المعاني ولا بد ان تكون بمعنى احد هذه الامور.
فإذا كان التعامل بنقود مع المشركين شرك بالله فهل ظل أمر النقود مبهما طوال ثلاث وعشرين عاما حتى أتم الله هذا الدين ولم يبينه النبي عليه السلام وماجاء النبي إلا لبيان الشرك وإخراج الناس منه ومن العلوم أي مسالة لها علاقة بالطاغوت تدخل في أصل الدين وما جاء النبي صلى الله عليه وسلم في مكة إلا بإجتناب الطاغوت كما في قوله تعالى : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) الاية. وهناك قاعدة تقول لا يجوز تاخير البيان لوقت الحاجة هل يتاخر بيان شرك النقود حتى ختم الله دينه .؟!
ومن قال منهم :أن التعامل بالنقود مع المشركين شرك حتى الآن لم يثبتوا لنا صفة الشرك التي يزعمونها كل ما لديهم ان هذه النقود صادرة من الطاغوت قلنا الإصدار ليس تعامل مع الطاغوت وإلا اثبتوا لنا انها تعامل مع الطاغوت الإصدار لا دخل لمن يتعامل مع بها مع المشركين بينما البطاقة يتعامل صاحبها مع الطاغوت .
ولا ادري كيف يكون التعامل بالنقود شرك والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل بنقود المشركين الفرس والروم والصحابة تعاملوا بها ولم يضير ذلك إسلامهم وكان القرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم هل تأخر بين ذلك طيلة حياة رسول الله وأين نضع القاعدة المشهورة "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " من هذا و كيف يتأخر البيان في أعظم شيء على وجه الأرض الشرك ؟؟؟
بالنسبة للنقود النقود لها ثلاثة أمور هي أصدار كسب تعامل
1/ الاصدار ليس لمسلم به دخل.
2/ الكسب : فالحكم فيها لطريقة الكسب
3/ التعامل : والتعامل يدخل في الاتباع والاتباع لا يكون إلا بفعل الشيء رداً الى غير شرع الله تعالى .
ثانياً: في الأصول القياس قياس النظير على النظير في المتماثلات .
فاي تماثل بين النقود والبطاقة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
البطاقة تعامل مباشر مع الطاغوت والنقود تعامل مع المشركين وليس الطاغوت!!!!!!!
فالبطاقة هي لك أنت تدل على دخولك تحت نظامه كواحد من رعاياه تحت عقد الولاء معه يفرض عليك حقوقه و يحدد لك واجباتك ونوع عقيدتك وانت توافقه وتقر بذلك بينما النقود لا تدول على دخول في ولاء الطاغوت والنقود كما قال ابن تيمية:
وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به؛ بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها ولهذا كانت أثمانا؛ بخلاف سائر الأموال فإن المقصود الانتفاع بها نفسها؛ فلهذا كانت مقدرة بالأمور الطبعية أو الشرعية والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت.). ا.هـ مجموع الفتاوي(ج19ص251).
ثالثاً : الإجراءات التي يقوم بها مستخرج البطاقة هي طاعة لأمر الطاغوت عند إستخراج البطاقة وكل أنواع الوثائق وطاعة الطاغوت شرك والنقود ليس فيها اجراءات حصول وأمر اصلا بينما البطاقة تقوم على.
1- طلب إستمارة حصول على بطاقة.
2- إحضار 4 صور وأن لا تلبس أية نظارات.
3- إحضار شهادة ميلاد.
4- إحضار شهادة عمل وما يثبت مقر العمل
5- إحضار شاهدين.
6- دفع رسوم إستخراج البطاقة .
7- التوقيع علي قانون البطاقة.
8- تجديد البطاقة كل عام.
9- وفي حال فقدان/ تلف/ سرقة البطاقة على صاحب (العلاقة أن يبلغ) عن ذلك الإدارة العامة للأحوال الشخصية
بإداراتها أو أقسامها وذلك في خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الفقد أوالتلف أو السرقة ، وذلك وفق للإجراءات القانونية ..
فهل هذه الإجراءات تتم عند الحصول على النقود من المشركين ؟؟؟؟
رابعاً : الاسئلة لم يجيب عليها احد
1-ماحكم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين تعاملوا بنقود الروم والفرس في زمنهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2-قال ابن عباس رضى الله عنهما فى سورة الكهف عن الفتية المؤمن عند قوله تعالى : ﴿ وكذلك أعثرنا عليهم ﴾ أى أن القوم عرفوا الفتية بصورة الملك دقيانوس التى كانت مضروبة على النقود فى ذلك الزمان) تفسير القرطبى
ماحكم الفتية اصحاب الكهف بتعاملهم بنقود الملك التى كانت عليها صورته كما قال ابن عباس ؟؟؟؟
3-هل ظل كفر التعامل بالنقود مبهما حتى ختم الله دينه كما قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا} والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل بنقود الرومية والفارسية. هل تاخر البيان عن ﺍﺻﻞ الدين عشرين عاما ؟؟؟؟؟
4-هل اصدر النبي صل الله عليه وسلم نقود خاصة بالمسلمين ونهي عن نقود المشركين ؟؟؟؟
5- نقود من التي كان يتعامل بها الرسول الكريم والصحابة ومن بعدهم حتى اصدر الملك ابن مروان اول نقود عربية ؟؟؟؟؟
ومن المعلوم ان النقود كانت رومية والفرسبة كما قال الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ضَرَبَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ الْمَنْقُوشَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَكَانَتِ ((الدَّنَانِيرُ والدراهم رومية وكسروية)) البداية والنهاية ج9/ص/15
إن الهوى إذا عصف بالمرء تركه تائها ضالا غارقا في جهله يريد أن يتشبث بأية قشة صغيرة عله ينصر باطله و لكن هيهات هيهات فالله ناصر دينه ( اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) و مظهر الحق و لو كره الكافرون اصحاب البطاقة والجوازات ادعيا الكفر بالطاغوت بضاعتهم السب والشتم والاستهزاء والضحك.
كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (24)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة التحاكم بحكم غير حكم الله هو التحاكم للطاغوت الإله الباطل من دون الله . أهـ
أقول: بعون الله :
لقد قمت بجمع أقول السلف في مسالة التحاكم لغير حكم الله ورسوله ولن أزيد على أقولهم لأنها واضحة كشمس في ربع النهار لا ينكرها إلا مكابر للحق .
عن ابن طاووس عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون () قال:"هي كفر"، وفي لفظ: "هي به كفر"، وآخر: "كفى به كُفْره"، رواه عبد الرزاق في تفسيره (1/191) وابن جرير (6/256) ووكيع في أخبار القضاة (1/ 41) وغيرهم بسند صحيح.،قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى ناقلاً عن إسحاق ابن راهويه: قد أجمع العلماء أن من دفع شيئاً أنزله الله أو قتل نبي وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر [34] وللعلم أن إسحاق هو الذي نقل الإجماع على كفر تارك الصلاة فكيف يقبل منه في الصلاة ولم يقبل منه في الحكم ؟!!! وتأمل أخي كلمة (( وهو مقر )) أ.هـ التمهيد 4 /226 .
عن مسروق قال: القاضي إذا أخذ هدية فقد أكل السحت وإذا أخذ الرشوة بلغت به الكفر أ.هـ مصنف ابن أبي شيبة 4 / 443.
عن السدي ومن لم يحكم بما أنزل الله يقول:ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا وجار وهو يعلم فهو من الكافرين أ.هـ تفسير الطبري4/588.
قلت: وإن كان أسباط كثير الخطأ إلا أنه صدوق وقد وافق ابن مسعود ومسروق وإجماع ابن راهويه
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: " من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأت بالنص عليه وحي في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك خارج عن ملة الإسلام "أ.هـ الإحكام في أصول الأحكام 5 / 153 .
وقال ابن تيمية والحكم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو عدل خاص وهو أكمل أنواع العدل وأحسنها والحكم به واجب على النبي صلى الله عليه وسلم وكل من اتبعه ومن لم يلتزم حكم الله ورسوله فهو كافر أ.هـ منهاج السنة ج 5 /131.
وقال رحمه الله ومعلوم أن من أسقط الأمر والنهى الذي بعث الله به رسله فهو كـافـر بـاتـفـاق الـمسـلـمـيــن والـيــهـود والـنــصـارى أ.هـ مجموع الفتاوى8/106.
وقال أيضا: وقد يقولون إن الشرائع قوانين عدلية وضعت لمصلحة الدنيا فأما المعارف والحقائق والدرجات العالية في الدنيا والآخرة فيفضلون فيها أنفسهم وطرقهم على الأنبياء وطرق الأنبياء وقد علم بالاضطرار من دين المسلمين أن هذا من أعظم الكفر والضلال أ.هـ مجموع الفتاوى 2 /232.
وقال أيضا: ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين الإسلام أو إتباع شريعة غير شريعة محمد فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب أ.هـ مجموع الفتاوى28 / 524.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكّم الطاغوت وتحاكم إليه, والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع, فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة له أ.هـ أعلام الموقِّعين 1/85.
يقول ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ في معرض تفسير قوله:أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يُوقنون(المائدة:50).يُنكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كلّ خيرٍ الناهي عن كلّ شرٍّ، وعَدَل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من الشريعة...كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات فــمـن فــعـل ذلـك مــنـهــم فـهــو كـافـر يــجـب قــتـاله حــتـى يــرجــع إلــى حـكــم الله ورســوله، فــلا يــحـكــم سـواه فــي قـلــيـل أو كـثــيـر . وقال أيضا: بعد أن نقل عن الجويني نتفاً من الياسق أو الياسا التي كان يتحاكم إليها التتار: فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر, فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين أ.هـ البداية والنهاية 11/128.
والحكم بغير ما أنزل الله من أنواع الشرك والتدخل في ملكه وملكوته ومعارضة شرعه بشرع يشترعونه أ.هـ رسالة التوحيد - الدهلوي 1/129
وقال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله تعالى: من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر أ.هـ الدرر السنية 2/241.
ويقول الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى " ومن أصدر تشريعاً عاماً ملزماً للناس يتعارض مع حكم الله فهذا يخرج من الملة كافراً. أ.هـ أهمية الجهاد ص 196.
وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان عند قوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية أمر الله في هذه الآية الكريمة بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين، وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ; لأنه تعالى قال: من يطع الرسول فقد أطاع الله [٤ \ ٨٠] ، وأوضح هذا المأمور به هنا بقوله: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [٤٢ \ ١٠] ، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنه لا يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وقد أوضح تعالى هذا المفهوم موبخا للمتحاكمين إلى غير كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مبينا أن الشيطان أضلهم ضلالا بعيدا عن الحق بقوله: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [٤ \ ٦٠] ، وأشار إلى أنه لا يؤمن أحد حتى يكفر بالطاغوت بقوله: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى [٢ \ ٢٥٦] .ومفهوم الشرط أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو كذلك، ومن لم يستمسك بالعروة الوثقى فهو بمعزل عن الإيمان ; لأن الإيمان بالله هو العروة الوثقى، والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله ; لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه، كما هو صريح قوله: فمن يكفر بالطاغوت الآية [٢ \ ٢٥٦] .
انتهى : منه بلفظه.
[ اضواء البيان 1ج/245-244/ص].
كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (25)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة : التحاكم للطاغوت بحجة عدم إرادة التحاكم إلى الطاغوت ولكن لدفع التهمة أو براءة الساحة عند الطاغوت .
أقول بعون الله :
أولا:الله تبارك وتعالى يقول عن الذين يزعمون الإسلام زعم أنهم هم الذين يتحاكمون إلى الطاغوت من غير تقييد بإرادة ونية و قبول قلبي لتحاكم للطاغوت الإله الباطل كما قال سبحانه {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعمون أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء60].
قولهم: بأن الذهاب لمحكمة الطاغوت لرد التهمة أو براءة الساحة مع عدم وجود إرادة التحاكم للطاغوت في قلوبهم .أهـ. هذا إضطراب واضح وفاضح عن آية الكفر بالطاغوت وإجتناب الطاغوت هم بمجرد ما ذهبوا للطاغوت الإله الباطل دليل على عبادتهم له وإظهار لفساد الإرادة وإنشراح صدورهم له وإثبات ألوهية الطاغوت والتحاكم إليه والله أمر بإجتناب الطاغوت بنص محكم قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل 36] ,هذا هو الأصل الذي تقوم عليه عبادة الله وإجتناب الطاغوت على إطلاق الآية دون تقييد ويقول تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء60].،والله سبحانه لم يأمر عباده عند الإختلاف بالرد إلى أهل بلد ولا إلى ما عليه أكثر الناس ولا إلى شخص غير الرسول قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] و " شيء " نكرة في سياق الشرط فيعم كل شيء حصل فيه النزاع من أصول الدين وفروعه، ثم قال: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} وهذا خطاب لجميع الناس إلى آخر الزمان وأجمع العلماء على أن الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول إليه في حياته والرد إلى سنته بعد مماته.
قال ابن كثير رحمه الله : في الآية: " هذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع فيه المسلمون من أصول الدين وفروعه أن يرد المتنازع فيه من ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] . فما حكم به كتاب الله وسنة نبيه وشهد له بالصحة فهو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال : {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فدل ذلك على أن من لا يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} أي التحاكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والرجوع في فصل القضاء إليهما:{وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}أي وأحسن عاقبة ومآلاً انتهى
ومن المحال أن يأمر الله سبحانه عباده بالتحاكم إلى ما لا يفصل النزاع.
وقال الشنقيطي : في أضواء البيان عند قوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية أمر الله في هذه الآية الكريمة بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين، وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ; لأنه تعالى قال: من يطع الرسول فقد أطاع الله [٤ \ ٨٠] ، وأوضح هذا المأمور به هنا بقوله: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [٤٢ \ ١٠] ، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنه لا يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وقد أوضح تعالى هذا المفهوم موبخا للمتحاكمين إلى غير كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مبينا أن الشيطان أضلهم ضلالا بعيدا عن الحق بقوله: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [٤ \ ٦٠] ، وأشار إلى أنه لا يؤمن أحد حتى يكفر بالطاغوت بقوله: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى [٢ \ ٢٥٦] .ومفهوم الشرط أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو كذلك، ومن لم يستمسك بالعروة الوثقى فهو بمعزل عن الإيمان ; لأن الإيمان بالله هو العروة الوثقى، والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله ; لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه، كما هو صريح قوله: فمن يكفر بالطاغوت الآية [٢ \ ٢٥٦] .
انتهى : منه بلفظه.
[ اضواء البيان 1ج/245-244/ص].
ومن أصرح الأدلة في هذا: أن الله جل وعلا في «سورة النساء» بين أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب ; وذلك في قوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [النساء 60].،وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور: أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم.
ثانياً: من المعلوم في هذا الواقع أن التعامل في جميع ساحات المحكمة (بالقانون الوضعي ) الذي شرعها الطاغوت الإله الباطل الذي لم يأذن به الله كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى 21] ومن المعلوم القاضي طاغوت معبود من دون الله يحكم بالقانون الوضعي وعندما يذهبوا إليه ويتحاكموا إلى إليه وإلى القانون هذه عبادة له وللقانون الوثن وهذا الشرك بعينه ولا ننظر إلى قولهم: ليس لنا إرادة تحاكم ولم نقبل حكم الطاغوت لأن مكان الإرادة والقبول القلب ونحن نحكم عليهم بظاهر والله هو الذي يعلم مافي قُلُوبهم ونحن ليس مكلفين بهذا نحكم عليهم بمجرد أفعالهم وإلا فبينوا لنا كيف نعلم أن قلوبهم لا تريد أو تقبل التحاكم للطاغوت أو لا تريد التحاكم بالقانون الوضعي ؟!!
ثالثاً: من البدهي أن العمل هو أثر النية والإرادة الجازمة، فكل يعمل وفق ما يعتقد ويرى؛ قال تعالى:{قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} [الإسراء: 84] .
فهذا إخبار بأن كل إنسان يعمل على شاكلته، قال ابن عباس : على ناحيته، وقال مجاهد : على حدته وطبيعته، وقال قتادة: على نيته، وقال ابن زيد: على دينه (انظر: الطبري (15 /154) وعنه نقل ابن كثير]
ومؤدى هذه الأقوال واحد.
كم أنه لا خلاف بين عقلاء بنى آدم أن كل حركة في الحياة بالجوارح لا تكون إلا بإدارة والنية القلبية وإلا فهي من تصرفات المجانين أو حركات فاقدي الإرادة فالقلب ليس ملك الأعضاء فحسب بل هو أعظم من ذلك إذ هو مصدر توجيهها ومنبع عملها وأساس خيرها وشرها، فإذا كانت إدارته إيمانية كانت الأفعال العضوية إيمانا، وإذا كانت إدارته إدارة كفر ونفاق أو عصيان كانت تلك مثلها والنصوص في ذلك كثيرة.
منها:
1- يقول الله تعالى في حق من حققوا الولاء والبراء : أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة:22].
2 - ويقول: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُم ) الحجرات:7 ].
3 -ويقول فى حق الأعراب: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14]
4 - ويقول: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [آل عمران:154].
وغير ذالك كالآيات الدالة على الطبع والختم على قلوب الكافرين أو كونها فى أكنه أو مغلقة وكل آية ورد فيها قوله: بِذَاتِ الصُّدُورِ .
ومن السنة يقول النبى صلى الله عليه وسلم : التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات ) ويقول : ألا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.
ويقول : كما روى الإمام أحمد فى المسند الإسلام علانية، والإيمان فى القلب : وأشار إلى صدره ثلاث مرات قائلا: التقوى هاهنا التقوى هاهنا
فهذه النصوص تدل على أن القلب هو الأصل، وأن إيمانه هو جزء الإيمان الأساس الذى يقوم عليه الجزء الظاهر ويتفرع منه، ويرتبط به ارتباط العلة بالمعلول، بل ارتباط أجزاء الحقيقة الواحدة الجامعة، ومن هنا لم يسم المنافق مؤمنا قط وإن كثر عمل جوارحه بالصلاة والزكاة والحج إن الذين يتحاكمون للطاغوت هم من يذهبون للطاغوت بأرجلهم وباختيارهم.، نقول لهم : أن أردتكم الجازمة للتحاكم للطاغوت هي التي حركت جوارحكم الى الذهاب للطاغوت في المحكمة والتحاكم إليه باختياركم من غير إكراه إن عمل القلب هو إرادة جازمة، والإرادة الجازمة يستحيل تخلف الفعل عنها.
ربعاً: لا توجد حركة لجوارح إلا بإردة الجازمة للفعل وإنشرح ألصدر لفعلها لهذا قال تعالى:
{مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } النحل [ 106]. الله تعالى في هذه الآية بين أن فعل الكفر لغير المكره دليلاً على إنشراح الصدر والإيمان بالله ينفي الطاغوت الإله الباطل والتحاكم إليه وطاعته واتباعه ونصرته.
والقرآن الكريم فيه آيات كثيرة تلازم القلب بالجوارح قال تعالى { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) الزمر:23] وقد أسنده للقلب والجوارح هنا. وقال عن الخشوع : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) الحديد: 16], والذكر بالجوار عند الصلاة.وقال عن الطهارة: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب:53] وهى في آية الحجاب، فدلت على التلازم بين عمل القلب وعملا الجوارح.
وقال عن الهداية (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) التغابن:11]وهى مما يدل على تلازم أعمال القلب.
وقال تعالى : عن الرضا والتسليم (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء: 65] ويلاحظ في هذه الآية أن الإسناد فيها للنفس لا للقلب أو الصدر، لحكمة دقيقة هى أن النفس مكمن الهوى والاعتراض.
ومما ورد من الآيات مسندا إلى القلب غير المؤمن} .
1- الإنكار: (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) النحل: 22 ].
2- الكبر: (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه) غافر: ٥٦، (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) غافر: 53].
3- الإعراض واللهو: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون () لاهية قلوبهم) " الأنبياء: 2-3]،والآيات في ذلك وعلاقته بأعمال الجوارح كثيرة أيضا.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} متفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، انظر: الفتح (1/126) .
فهذا مع دلالته على الارتباط العضوي بين الإرادة والعمل - يؤكد مهمة الدين التي هي إصلاح الأصل ليصلح الفرع والأثر. وهذه العبارة النبوية أبلغ من العبارة التي قالها أبو هريرة رضي الله عنه وهي: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده!].
كشف الإضطراب عن آية الإجتناب (26)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة : التعامل مع الطاغوت الإله الباطل في البيع والشراء والعلاج .أهـ
أقول بعون الله.
1- الله تبارك وتعالى أمر كل الجن والإنس بإجتناب الطاغوت قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل 36]،فالطاغوت هو الإله من دون الله الذي قال تعالى عنه :{لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا}الإسراء [22].،والآية قررت بناء على الإجتناب حكم الهداية والضلال بقوله تعالى فمنهم من هدى الله الآية وهم من حققوا الإجتناب المطلق، ومنهم من حقت عليه الضلالة الذين حقت عليهم الضلالة هم المشركين الذين لم يحققوا الإجتناب المطلق للطاغوت الإله الباطل وبناءً على ذلك فإن تقدير مقدر محذوف لا يقتضيه نص الآية بناءً على صدق الكلام شرعاً.
فالتعامل مع الطاغوت الإله الباطل في البيع والشراء تعامل مع إله باطل معناه جواز اتخاذ إله من دون الله وهذا هو الشرك بعينه لأن الشراء من الطاغوت إثبات وإقرار بهذا الإله الباطل عندما تقول : أشتريت من الطاغوت معناه أشتريت من الإله المعبود من دون الله وهذا إثبات وإقرار بالطاغوت المعبود من دون الله. وهو كقولك : أشتريت من التاجر وهذا إثبات لمن أشتريت منه بأنه تاجر وكقولك : ذهبت الى الطبيب ومعلوم أن قولك : ذهبت للطبيب معناه أنك ذهبت لتطبب عنده وعليه فقولك :اشتريت من الطاغوت معناه ذهبت للتعبد له ولذلك لم يرد في كتاب على مر التاريخ الإسلامي سواءً تفسير أو شرح حديث أو أصول أو فقه أو لغة يذكر لفظ الطاغوت مقترنا بالمسلم لأن هذا الفعل إثبات للطاغوت المعبود من دون الله .
2- الشراء من المشركين الذين ينوبون عن الطاغوت في تحصيل الضرائب والرسوم عبر البيع مثال ذلك شركة الاتصال تقول سعر:الدقيقة 30-قرش والضربية -10-قرش نأخذها منك لدولة هنا الشركة التي يملكها لمشركين أصبحت تنوب عن الطاغوت الإله الباطل في تحصيل الضربية والضريبة تشريع ما أنزل الله به من سلطان وهي نصرة للطاغوت بالمال وقال تعالى عن من ينصرون الالهة :{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ}[يس73].والآية واضحة كما ترى.
3-الشراء من المشركين والتعامل معهم في البيع والشراء في حدود الشرع جائز وهم الذين لم يكونوا وسطاء للطاغوت في البيع والشراء يجوز التعامل معهم وهذا ثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم كما عقد له الإمام البخاري في كتابه (بابُ الشِّرَاءِ والبَيْعِ مَعَ المُشْرِكِينَ وأهْلِ الحَرْبِ)
والدليل على ذلك حديث :عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟ أَوْ قَالَ: - أَمْ هِبَةً "، قَالَ: لاَ، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً [صحيح البخاري 80/2].
كذلك ثبت أنه عليه السلام اشترى من يهودي وهذا تعامل مع مشرك وايضا حديث: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ][صحيح البخاري 46/2].
إن الله تعالى لا يقبل أن يكون معه إله غيره ، فالطاغوت الإله من دون الله عندما يفتح لك أماكن بيع مخفض السعر ويسمح لك بشراء منه هل يفعل ذلك لوجه الله تعالى ونصحا للخلق الله أم يفعل ذلك ليصرف الخلق عن ربهم خالقهم وتثبيتا لعروشه وحفاظا على دينه وبقائه ومحاربة لدين الله عز وجل. وعندما يفتح لك الإله من دون الله تعالى أبواب مستشفياته للعلاج مجاناً هل يفعل ذلك لوجه الله تعالى ونصحا للخلق أم يفعل ذلك ليصرف الخلق عن ربهم خالقهم وتثبيتا لعروشه وبقائه وحفاظا على دينه ومحاربة لدين الله عز وجل .
واخيرا أريد دليل أو قول عالم واحد يقول بقول الذين يجوزون التعامل مع الطاغوت في بالبيع والشراء والعلاج وغيره.
سلسلة كشف الإضطراب عن آية الإجتناب(27)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة : حصر شرك التحاكم في المحكمة.اهـ
اولاً: لقد وجهنا في هذا الواقع جم غفير من الرويبضة يتكلمون في الدين بلا علم ولا كتاب منير وأصبحوا يقيدون الشرك في التحاكم فقط ولا شرك بتعامل مع الحكم وهو التشريع القانون وهذا نآتج عن جهلهم بأن التشرع هو الحكم نفسه وهو القانون الوضعي الذي يتعاملون به في كل المؤسسات الطاغوتية ولا ادري ما الذي جعل القانون كفر في المحكمة في غير مؤسسات المحكمة إيمان ؟! .
1- الحكم في اللغة : يطلق على القضاء ويجمع على أحكام والأصل فيه المنع من الشيء.جاء في المصباح المنير :ومعنى الحكم القضاء ، وأصله المنع ، يقال : حكمت عليه بكذا : إذا منعته من خلافه فلم يقدر على الخروج من ذلك والحكمة للدابة سميت بذلك لأنها تذلّلها لراكبها حتى تمنعها الجماح ونحوه ، وقد اشتقت كلمة ( الحكمة ) من الحكم لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل .
وجاء في لسان العرب لابن منظور قوله ( والعرب تقول حكمت وأحكمت وحكمت ) بمعنى (منعت )وردّدت ، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم " ويأتي الحكم بمعنى الإتقان ، يقال : " أحكم الأمر " أي : أتقنه .ويظهر لنا من هذا المعنى اللغوي لكلمة ( حكم ) أننا إذا قلنا : حكم الله أي شرع الله معناه الوجوب معناه : أنه -سبحانه وتعالى اذا شرع أمرا قضى فيها بالوجوب ومنع المكلف من مخالفته .
2 -الجهل بمعنى النفي والإثبات في لا إله إلا الله والجهل بمعنى الطاغوت الحقيقة وماهية وليس ذات نتج عنه قولهم إن التعامل مع شرائع الطاغوت خارج ساحات المحاكم ليس شرك ! ويجهلون معنى البراءة من الإله الباطل تعنى التباعد المطلق من هذا الطاغوت المعبود من دون الله وقوله تعالى :{ واجتنبوا الطاغوت } تعني الترك المطلق لحقيقة الطاغوت .
الأصل في الأشياء عند الطاغوت المنع اي الحرمة والتعامل معه وبحكمه الذي يحلُ ويحرم به الأشياء من خلال القانون وكل المعاملات معه بالقانون وهذه عبادته من دون الله .
أهل هذا الواقع في المعاملات اليومية أول ما يفكر به عندما يهم بفعل شيء هل هذا الشيء قانوني أم يخالف القانون . اي هل حلال أم حرام في دين الطاغوت لأن الطاغوت قضى بوجوب ذلك القانون ومنع الخروج عنه وهذا هو معنى التكليف وكل من تعامل مع الطاغوت والقانون الوثن قبل التكليف من دون الله فهو مشرك بالله.
ثانيا:- الطاغوت أوجب إستخراج الأوراق الثبوتية في قانون الأحوال الشخصية معناه أنا إلهكم لقد شرعت لكم قانون الهويات والجوازات والرخص ووثائق النكاح والعقود وترخيص المنشآت وترخيص السيارات أوجبها عليكم بموجب اولوهيتي عليكم .
القانون هو خطاب الطاغوت الإله من دون الله يخاطب به عبيده الذين قبلو خطابه ودخلوا في طاعته واتباعه ..
والخطاب في اللغة مصدر خاطب يخاطب خطابا ومخاطبة : وهو توجيه الكلام نحو الغير للإفهام .
والمراد به هنا : المخاطب به فهو من باب إطلاق المصدر فمصدر هذه الاوراق الإله من دون الله والله في القرآن اخبرنا أن لا نتخذ معه إله آخر : وقال الله لا تتخذوا إلهين أثنين الاية . فخطاب الطاغوت متعلق بأفعال المكلفين الذين آمنوا به وتعاملوا بالقانون في مؤسسته.
ومعنى خطاب متعلق :
التعليق معناه : الارتباط أي المرتبط ومعنى تعلقه بأفعال المكلفين أي بجنس أفعال المكلفين الأفراد المجتمع فيصدق تعلقه على الفعل الواحد من أفعالهم وإلا لا يوجد حكم أصلا وفعل الهويات والجوازات والرخص وترخيص المنشآت والسيارات والعقود والكهرباء والماء ( أفعال ) :.
والأفعال في اللغة : جمع فعل ، وهو الحدث :أي ما يقابل القول والاعتقاد والنية والظاهر والباطن. والمراد به هنا : كل من ذهب لمؤسسات الطاغوت سواء برجله أو كلّف أحداً بستخراج هذه الأوراق أو التراخيص والشراء وغيرها من المعاملات له نفس حكم فاعل الشرك
والحكم عند الشارع الحكيم يتعلق بالأفعال مثل الصلاة والزكاة ونحوهما فإنه كذلك يتعلق بالأقوال كتحريم الغيبة والنميمة الى آخره.
ثالثاً : الحكم ومدلول خطاب الطاغوت المعبود الذي شرع ( القانون ) هو الحكم في كل المؤسسات الطاغوت ولا تختلف مؤسسة عن مؤسس في التعامل كلها تعمل بقانون واحد وهو من الطاغوت الإله من دون الله .
وعند علماء الأصول الحكم مصدره هو الله فالحكم صفة له لذا قالوا : إن الحكم خطاب ، والفقهاء نظروا إليه من ناحية متعلقة وهو فعل المكلف لذا قالوا إن الحكم مدلول الخطاب وأثره .
سلسلة كشف الاضطراب عن آية الإجتناب (28)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف شبهة : قولهم أن الصحابة رضي الله عنهم تحاكموا إلى النجاشي بهذا يجوز التحاكم للطاغوت فقاسوا النجاشي رضي الله عنه بالطاغوت .أهـ.
أقول بعون الله.
إن مسالة النجاشي رضي الله عنه مسالة لا اشكال فيها عند اهل العلم والنهى ولكن ما الحيلة ونحن نعيش بين قوم نشاوا في البيئة الفرعونية حتى الفوا عبادة القوانين ولا يتصورون انفسهم يعيشون بدونها فهذ المسالة مبينة على القواعد الراسخة التالية
1-أن التحاكم الى الطاغوت الذي يحكم بغير ما انزل الله تعالى شرك أي عبادة لغير الله تعالى أي اتخاذ إله من دون الله تعالى وما أنزلت الكتاب وما ارسلت الرسل إلا لنفي هذا فمن قال ان الصحابة تحاكموا الى الطاغوت فقد حكم عليهم بمناقضة اصل الدين وهم ما هاجروا الى الحبشة إلا ليوحدوا الله تعالى اجتنابا لكل طاغوت.
2- أن الذهاب الى الحبشة مبني على أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وإن كان هذا بوحي من الله تعالى حيث بين عليه الصلاة والسلام ان النجاشي ملك عادل لا يظلم عنده أحد بقوله : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل لكم فرجا مما أنتم فيه»،أ.هـ
وعدله رضي الله عنه قرره جعفر بن ابي طالب حين جاء وفد قريش لارجاعهم بقوله : فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا، وَشَقُّوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا، فِى جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لاَ نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أ.هـ
فالنجاشي كان هو الحاكم وكان يحكم بالعدل قال تعالى: واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الآية ، فعندما بين عليه الصلاة والسلام انه ملك لا يظلم عنده احد أي عنده عدل والعدل هو :
1- شريعة منزلة ( شرع صحيح)
2-العقل الصريح
والشرع الصحيح لا يخالف عقل صريح
فالنجاشي رضي الله عنه ملك عادل فاذا حكم بين الناس سيحكم بشرع صحيح فان لم يوجد سيحكم بعقل صريح ولذلك لما جاء وفد قريش اليه كما جاء في الرواية ما نصه: وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ، بِهَدِيَّةٍ فَلَمَّا دَخَلاَ عَلَى النَّجَاشِىِّ سَجَدَا لَهُ، ثُمَّ ابْتَدَرَاهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالاَ لَهُ: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِى عَمِّنَا نَزَلُوا أَرْضَكَ وَرَغِبُوا عَنَّا وَعَنْ مِلَّتِنَا، قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ فِى أَرْضِكَ فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ فَاتَّبَعُوهُ، فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ لاَ تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ قَالَ: إِنَّا لاَ نَسْجُدُ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَنَا أَنْ لاَ نَسْجُدَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ؟ قَالُوا: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُوَ كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِى لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ وَلَمْ يَفْرِضْهَاوَلَدٌ، قَالَ: فَرَفَعَ عُودًا مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ وَالْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، وَاللَّهِ مَا يَزِيدُونَ عَلَى الَّذِى نَقُولُ فِيهِ مَا يَسْوَى هَذَا، مَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ [فَإِنَّهُ] الَّذِى نَجِدُ فِى الإنْجِيلِ، وَإِنَّهُ الرَّسُولُ الَّذِى بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ وَاللَّهِ لَوْلاَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لأَتَيْتُهُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ، وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الآخَرِينَ فَرُدَّتْ إِلَيْهِمَا ثُمَّ تَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَدْرَكَ بَدْرًا وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لَهُ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُهُ.أ.هـ
فمن هذه الرواية نعلم :
1- انه لم يكن يعلم بوجودهم في بلاده بمعنى ان من عدله انه كان فاتحا بلده لمن شاء ان يدخلها .
2-ان جعفر بن ابي طالب رضي الله قد اظهر دينه امامه وخاطبه بموجب الاسلام .
3- أنه اقر بالحق عندما علمه .
فلذلك كان حكمه بهذه القضية بناء على ما أظهره المهاجرون من دين الله تعالى بقوله : انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُم أ.هـ وفي رواية انت سيوم في ارضي من سبكم غرم فالحاكم يكون طاغوتا اذا حكم بحكم لا يستند الى شرع صحيح او عقل صريح والنجاشي كان على دين عيسى عليه السلام يحكم بالإنجيل كما قال تعالى : وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[ المائدة 46]. وبين تعالى أن يحكم أهل الإنجيل بالإنجيل كما واضح كما ترى ولا يمكن أن يكون النجاشي طاغوتا ويقول عنه رسول الله أنه عادل ولا يظلم عنده أحد.
سلسلة كشف الإضطراب عن آية
الإجتناب(29)
بسم الله الرحمن الرحيم

الحكم بما أنزل الله
وكشف شبهة أثر ابن عباس
أقول بعون الله
1- بعد هذا البيان الواضح من الذي يتكلم في آيات الله بعقله المجرد فضل عن سبيل الله تعالى وأضل الخلق وحرف الدين وهو يحسب أنه من المهتدينر د؟!,إنه هو ومن يقول بقوله, ثم يأت هو ومن على شاكلته ليقول:إن ابن عباس رضي الله يقول عن هؤلاء أنهم مسلمون وأن ما يقومون به ذنوب كفر دون كفر.
2- إن الأصل في الرد إنما هو إلى الله تعالى وإلى رسوله: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59), ولم يقل سبحانه فردوه إلى فهم الرعيل الأول أو إلى أصحاب العمائم أو الحاصلين على الشهادات من أنظمة طاغوتية أو حتى إلى الصحابة.
3- إن الأدلة الشرعية دلالتها إما منطوق أو مفهوم, فمن قصر دلالة النصوص الشرعية على المفهوم فقط فقد افترى على الله إثما عظيما لان هذا الدين إنما هو لجميع الناس, والناس عقولهم متفاوتة ففي الشرع نصوص دلالتها لا تحتاج إلى تعمق ونظر وإعمال قواعد فهم خاصة وإنما دلالتها منطوقة ظاهرة, فقوله تعالى: وَمَن2./- لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (المائدة:44), دلالته منطوقة أي: ما دل عليه اللفظ في محله, وليس فيه إشكال ولا صعوبة ولا يحتاج إلى تدقيق وأعمال لقواعد فهم النصوص.
4- إن قواعد فهم النصوص الشرعية ليست حكرا على احد وهي معلومة ومن تعامل مع النصوص من خلالها فقد وصل إلى الحق.
5- إن الله تعالى حذر من الرد إلى غير الله ورسوله وبالأخص إلى العلماء في مخالفة النصوص الواضحة الصريحة قال تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة:31), وهذا هو سبب ضلال الشيعة الذين جعلوا كلام علمائهم معصوما نسخوا به النصوص الشرعية تخصيصا وتقييدا وبيانا وهو سبب ضلال اليهود والنصارى والله تعالى يقول: وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (المائدة:43), فانظر رحمك الله إلى هذا النص الواضح البين الصريح الذي حكم فيه سبحانه وتعالى حكما أبديا على من حكَّم أيا كان مع وجود حكم الله تعالى بأنه كافر خارج من الملة إذ تحكيم غير الله تعالى في هذه الحالة ما هو إلا رد لحكم الله وعدم قبوله وإلا لماذا تطلبون وتبحثون عن حكم من لم يحكم بما أنزل الله وحكم الله تعالى واضح بين في أعظم كتاب أنزله الله تعالى؟
6- قوله: ولو عاد لوجد أن هذا الفهم هو فهم ابن عباس رضي الله عنهما وطاووس ومجاهد ومذهب أصحاب المذاهب الأربعة وعلماء أهل السنة والجماعة من المفسرين والمحدثين كأمثال الطبري والقرطبي وابن كثير والشنقيطي، ومن علمائنا المعاصرين كأمثال العلامة المحدث ناصر الدين الألباني والعلامة ابن باز رحمة الله عليهم جميعا وأسكنهم فسيح جناته، وجعلنا ممن يستمسكون بغرزهم، ويسيرون على دربهم ويحشرون في زمرتهم، آمين آمين، أ.هـ
أقول: لا والذي بعث محمدا بالحق وأنزل الكتاب بالحق وحكم بالحق وجعل أحكامه محكمة واضحة ما هو بقول ابن عباس أو قول أحد من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وقد بينت ذلك سابقا بيانا محكما وسنزيده بيانا وأما المعاصرون فهم مقلدون للسابقين وكثير منهم يقول بقولهم دون فهم ودون تحقيق وأساس قولهم جميعا القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنهما, يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى: وهذه الآثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا المنتسبين للعلم ومن غيرهم الجرءآء على الدين يجعلونها عذرا وإباحة للقوانين الوثنية التي ضربت على بلاد المسلمين أ.هـ حكم الجاهلية 39.
فهذا عالم من علماء الأمة المشهود له يحكم على هؤلاء بأنهم مضللون, ونحن نقول أنكم مضللون وما جئنا بجديد.
فعن أي شيء يتحدث ابن عباس لو فرضنا جدلا صحة ما ينسب إليه وهو غير صحيح؟ وبحق من يتحدث؟ ومع من يتحدث ؟وما هو سبب قوله ومعناه؟
وهل قال ابن عباس إن من حكم على السارق بالسجن مع ثبوت السرقة انه كفر دون كفر ؟
وهل قال بأن من حكم على الزاني بالسجن أو الغرامة المالية أنه كفر دون كفر؟.
وهل قال من جعل أساس حكمه الرد إلى القوانين الوثنية أنه كفر دون كفر ؟
وهل قال من جعل نفسه مطيعا ومتبعا لشرائع اليهود والنصارى أنه كفر دون كفر ؟
وهل سيقول أحد أن غير قول الله وقول الرسول يخصص أو يقيد أو يبين الأدلة الشرعية؟
أما مسألة الحكم فهي من أصول الدين التي بينها سبحانه وتعالى وفصلها تفصيلا محكما بعشرات الآيات لا تحتاج إلى قول أيٍ كان فالله سبحانه وتعالى يصف الحاكم بغير حكم الله تعالى أنه طاغوت بقوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً (النساء:60), وهؤلاء يقولون أنه مؤمن بالله واليوم الآخر فهل يوجد في شرع الله تعالى طاغوت مؤمن ؟!!! ويصف المتحاكم إليه بأن إيمانه زعم وليس حقيقيا, فكيف يكون المتحاكم إلى من لا يحكم بما أنزل الله كافرا كفرا أكبر والحاكم بهذا الحكم (بغير ما انزل الله) كفره أصغر !!! لا أقول إلا سبحان الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فهذا حال من انقلبت موازينه واتبع هواه بغير هدى من الله فالطاغوت كافر كفرا أكبر ثم يأت أناس ويدعون بأن ابن عباس رضي الله عنه قال بأنه كافر كفرا أصغر.
فبأي الأقوال نقول؟ أنترك قول ربنا سبحانه وتعالى لأفهام الأفهام فلا نقول أن هذا فهم ابن عباس رضي الله عنهما ولكن هذا ما فهمه الخلف من فهم نسب إليه وليس بصحيح, فأصبحنا نتعلق بأفهام الأفهام وليس بالأفهام الواضحة المستندة إلى أدلة واضحة, فقولهم مبني على الظن المتصف بوصفين شرعيين:
الأول: قوله تعالى: وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئا ً(النجم:28).
الثاني: قوله عليه السلام: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث () متفق عليه.
فمن كان كلامه أكذب الحديث وأنه لا يغني من الحق شيئا كيف يكون أصلا للدين؟ فإن كان دين البشر فنعم, أما الإسلام دين الله تعالى فلا, وحتى نجلي الأمر بشكل واضح وأشمل سأتناول ما يتعلق بهذه الآية من خلال أقوال من زعم أنهم يقولون بقوله الذي هو افتراء على الله تعالى وقولا بغير علم ولا كتاب منير.
1- لقد بينا بيانا شافيا ومحكما بالأدلة الشرعية أن لفظ الكفر إذا ورد في القرآن معناه الشرعي والحقيقي هو الكفر المخرج من الملة وإذا ورد في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام الأصل في معناه هو المعنى الشرعي وهو المخرج من الملة كما فهم ذلك الصحابة رضي الله عنهم إلا إذا جاءت قرينة ( نص شرعي) يدل على صرفه عن معناه الشرعي وهو الكفر الأكبر إلى الكفر الأصغر.
2- ما هو المعنى الشرعي لمصطلح الحكم عندهم ؟ وقد تم بيان ذلك بالتفصيل علما بأن الحكم إذا كان إلزاميا فهو متعلق بحكم القاضي أو الأمير وهو القضاء، وإذا كان غير ملزم فهو الفتوى.وهذا كله هو معنى الحكم وهو: خطاب الشارع للمكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع أي:بمعنى آخر: هو خطاب الشرع والمتعلق بالفصل وإصدار الأحكام على الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة من وجوب وحرام وحلال ومكروه ومستحب سواء كانت بالتكليف أو الفصل في القضاء بين المتخاصمين من قطع وجلد وإصلاح وتفريق وغيرها وهي الأحكام الوضعية.
3- هل هذه الآيات نزلت بحق المسلمين؟ بمعنى هل حدث وأن أحدا من المسلمين في زمن نزول الوحي سواء كان أميرا أو غير أمير لم يحكم بما أنزل الله سواء كان الحكم وضعيا أو تكليفيا أو بمعنى أدق رد الحكم إلى غير الشرع ؟.
الجواب: إن معرفة ذلك يسيرة من خلال معرفة سبب النـزول فإن الصحابة رضي الله عنهم الذين شهدوا التنـزيل قد أجمعوا على أن هذا لم يحدث من أحد من المسلمين بأي صفة كان وأن هذه الآيات نزلت في أهل الكتاب الذين لم يحكموا بما أنزل الله تعالى روى ذلك أهل الحديث وأهل التفسير:
عن البراء بن عازب في قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون في الكافرين كلها.أ.هـ تفسير الطبري4/588.
عن أبي البختري قال سأل رجل حذيفة عن هؤلاء الآيات ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فأولئك هم الظالمون فأولئك هم الفاسقون قال فقيل ذلك في بني إسرائيل قال: نعم الإخوة لكم بنوا إسرائيل إن كانت لهم كل مرة ولكم كل حلوة كلا والله لتسلكن طريقهم قدر الشراك.أ.هـ الطبري 4/588.
عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال : من السحت قال : فقالا أفي الحكم قال ذاك الكفر ثم قرأ هذه الآية ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.أ.هـ تفسير الطبري4/579, 588.
عن ابن عباس قال إن الله أنزل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون و فأولئك هم الظالمون و فأولئك هم الفاسقون قال: قال ابن عباس أنزلها الله في الطائفتين من اليهود.أ.هـ تفسير ابن كثير 2/80.
وقال ابن كثير رحمه الله: وقد روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا كما تقدمت الأحاديث بذلك أ.هـ التفسير 2/80.
هذا ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم وعن ابن عباس تخصيصا ولم يرد عن الصحابة ما يخالف ذلك أما ما ورد عن التابعين مما يخالف ذلك فلا يعارض به ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله بعد أن ذكر أقوال الصحابة والتابعين: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت وهم المعنيون بها وهذه الآيات سياق الخبر عنهم فكونها خبرا عنهم أولى أ.هـ التفسير 4/588.
وقال رحمه الله مقدمة لقول الصحابة والتابعين ما نصه: يقول تعالى ذكره ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكما بين عباده فأخفاه وحكم بغيره كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم وكتمانهم الرجم وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي بعض بنصف الدية وفي الأشراف بالقصاص وفي الأدنياء بالدية وقد سوى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة :فأولئك هم الكافرون() يقول : هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه ولكن بدلوا وغيروا حكمه وكتموا الحق الذي أنزله في كتابه هم الكافرون يقول هم الذين ستروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينه وغطوه عن الناس وأظهروا لهم غيره وقضوا به لسحت أخذوه منهم عليه وقد اختلف أهل التأويل في تأويل الكفر في هذا الموضع فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك من أنه عنى به اليهود الذين حرفوا كتاب الله وبدلوا حكمه. أ.هـ التفسير 6/251-257.
وقال ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال البراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وابن عباس وأبو مجلز وأبو رجاء العطاردي وعكرمة وعبيد الله بن عبد الله والحسن البصري وغيرهم نزلت في أهل الكتاب زاد الحسن البصري وهي علينا واجبة وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضي الله لهذه الأمة بها أ.هـ التفسير 2/61-62. فأين قولهم بأن ما قالوه هو قول السلف من الصحابة والتابعين؟.
فهذا هو القول الثابت والمعتبر ومن المعلوم العبرة بعموم النص وأن سبب النـزول وصورة سبب النـزول داخلان في عموم النص. فمن فعل فِعل( بكسر الفاء) اليهود فهو داخل في حكم عموم النص فاليهود كانوا مقرين بحكم الله تعالى ولم يكونوا معتقدين خلافه كما ثبت من سبب النـزول وأنه بقي واضحا في التوراة ولم يغيروه منها وكان معلوما عندهم ولكنهم حكموا بغير ما أنزل الله لمصلحة عظيمة هي الحفاظ على جماعة اليهود من التفرق بمعاقبة الشريف والوضيع منهم والأخذ على يد المفسد,وهذا واضح وصريح في ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه: عن البراء بن عازب قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمما مجلودا فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟,قالوا: نعم فدعا رجلا من علمائهم, فقال:أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟,قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك نجده الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه, فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر..إلى قوله :إن أوتيتم هذا فخذوه (المائدة:41 ), يقول ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(المائدة:44),( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (المائدة:45), ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (المائدة:47) في الكفار كلها أ.هـ
ومن الملاحظ أن فعل اليهود إنما هو في الحكم بحكم وضعي وهو حد الزنا والذي نزل حكم الله تعالى فيمن حكم بغيره أنه كافر وكل الأحكام التي يحكم بها الحكام في هذا الزمان إنما هي أحكام وضعية, وكذلك فإن حكم الله تعالى بالكفر نزل بحق من حكم في نازلة واحدة كما فعل اليهود في الحكم على الزانيين بغير حكم الله تعالى وهذا قول فصل في الرد على من يدّعي أنه لا تدخل في الحكم الحادثة والحادثتان افتراء على الله تعالى وتحريفا لدينه سبحانه.
4- لقد ثبت معنى الحكم وأن مناطه متعلق بعموم الأحكام التكليفية والوضعية سواءً بسواء فلا فرق بين من حكم على الخمر أنها حلال وبين من حكم على السارق بالسجن, والحرمة للخمر والقطع للسارق كلاهما حكم,علما بأن سبب النـزول هو الحكم الوضعي فمن فرّق فعليه الدليل ولن يستطيع، ومن خصص أو قيد فعليه الدليل ولن يستطيع, فلا اعتبار في تغير سببه سواء للشهوة أو القرابة أو الرشوة أو غيره كما ثبت والحمد لله رب العالمين.
ولا يشوش على ذلك كما فعل بعض الجهلة الذين ليس لهم حظ من العلم بما ورد في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة وزيد بن خالد: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما اقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وهو أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم قال(تكلم). قال إن ابني كان عسيفا على هذا - قال مالك والعسيف الأجير - زنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وجارية لي ثم أني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك ) , وجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها أ.هـ
قلت:
أ- إن هذه المسألة متعلقة بشق الإثبات وهو ثبوت الإسلام للشخص وأحد أركانه أن الحكم كله لله بمعنى أن لا يرد الحكم لغير الله تعالى مع علمه بالحكم وأما عند جهله بالحكم فهو يرده إلى أصل الإيمان بحسب قواعد الإسلام والمسلم مع إقراره بهذا الركن وعمله به قد يقع في قضايا يجهل حكم الله فيها بمعنى لم يصله نص الحكم فيتعامل معها بناء على ما أداه إليه اجتهاده وهذا الذي افتدى لم يثبت لديه نص الحكم ابتداء حتى قام بسؤال أهل العلم ورفع القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته القاضي والحاكم وحتى وصوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن القضية قد رفعت إلى القضاء فهو طالب لحكم الله تعالى وحكم رسوله عليه السلام.
ب- هناك من المخالفات ما هو متعلق بحق الله تعالى ومنها ما هو متعلق بحق الخلق ومنها ما هو متعلق بحق الله تعالى وبحق الخلق معا وهذه الحقوق منها ما يجوز فيه الصلح ومنه ما لا يجوز فيه الصلح وكون الفداء بالمال واقع فقد ظن الصحابي الذي زنى ابنه أن الحدود تدرأ بالصلح .
ت- عارض الجهل قد حصل للصحابي من جهتين من جهة الحكم حيث أخبره زوج المرأة أن على ابنه الرجم وكذلك حصل له الجهل من جهة ظنه ان الحد حق لولي المجني عليها وكذلك من جهة أن الحد يدرأ بالفداء, ولم يترجم أحد من العلماء أو يذكر ما ذكره الخلف هذه الأيام وجعلوا ذلك إباحة للحكم بحكم الأوثان وأحكام اليهود والصليبيين ولم يجعلوها من مسائل الحكم بغير ما أنزل الله .
5- لقد وردت الأحاديث الصحيحة التي تبين وتفصل في أن الحكم في الأحكام الوضعية والتي تكون على سبيل القضاء أن المخالف فيها في النار وهذا لا يكون إلا بحق الكفر لقوله تعالى: وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ(غافر:6), إلا إذا ورد دليل يصرفه عن ذلك فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار. قال أبو داود وهذا أصح شيء فيه يعني حديث بن بريدة القضاة ثلاثة وهو حديث صحيح, فهذا الحديث يبين ما يلي:
أ - أن الذي يحكم إما كافر وإما مؤمن إما في الجنة وإما في النار.
ب - أن الذي في الجنة هو الذي يحكم بحكم الله تعالى.
ت - أن الذي في النار صنفان هما:
- من عرف حكم الله تعالى وحكم بغيره وهذا يشمل كل الأسباب لرشوة أو شهوة أو قرابة الخ وسواء حكم مرة واحدة أو أكثر.
- ومن لم يكن عالما بحكم الله وحكم بجهله.
ث - بين عليه الصلاة والسلام أنه يخرج من هذا من كان مؤهلا للحكم وحكم باجتهاده ردا إلى شرع الله تعالى في حال عدم علمه بالحكم الشرعي فعن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة.أ.هـ (رواه أبو داوود بسند صحيح). فهذا ما بينه الرسول عليه السلام بخصوص مسألة الحكم والقضاء ولا قول لغيره عليه الصلاة والسلام ولم يرد تفصيل يخالف ذلك.
6- وهنا نقول عن أي شيء يتحدث ابن عباس رضي الله عنه- على التسليم بصحة ما نسب إليه- وبعض التابعين والعلماء من بعدهم بخصوص الحكم بغير ما أنزل الله وأنه كفر دون كفر ؟
الجواب: من المعلوم اضطرارا أنه لا يمكن لصحابي أو تابعي أو أحد من علماء المسلمين أن يغير حكما لله تعالى فإذا عرفنا معنى الحكم الذي يقصده هؤلاء تكشفت الحقائق:
أ – بخصوص القول المنسوب لابن عباس والتابعين إنما هو رد على الخوارج الذين حكموا على من فعل معصية من الأمراء أنه كافر كونه حاكم وهذا كان في مفهوم الخوارج أنه حكم بغير ما أنزل الله تعالى فالمسألة هي عدم فهم الخوارج لمعنى الحكم حيث ظنوا أن كل مخالفة للشرع تسمى حكم ويتنـزل على فاعلها حكم الله تعال بأنه كافر فلم يفرقوا بين الأحكام والأفعال وجعلوها شيئا واحدا.
فجاء المعاصرون ووافقوا الخوارج في إطلاق لفظ الحكم ومعناه على المخالفات الشرعية ولم يفرقوا بين الأفعال والأحكام فهما سواء في سوء الفهم، لكن الخوارج أحكم مسلكا وسبيلا منهم فحكموا على فهمهم الفاسد بنص حكم الله تعالى بينما المعاصرون حكموا على فهمهم الفاسد بالقول المنسوب لابن عباس رضي الله عنه، ولا شك أن من رد أقواله إلى قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام أهدى سبيلا لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ً(النساء :59), فلذلك كان عند الخوارج أن من فعل منهيا عنه وترك مأمورا به فقد حكم بغير ما أنزل الله وبالتالي فهو كافر مخلد في جهنم ,وعند هؤلاء أنه مؤمن عاصي,والأقوال المتعلقة بالحكم عند الصحابة والتابعين إنما هو رد عليهم فيما كان حادثا في ذلك الزمان من بعض الأمراء من مخالفات شرعية في الأفعال وليس مخالفات في الأحكام حيث لم يثبت إطلاقا دون نزاع أنه حصل في زمان ابن عباس رضي الله عنه أن قاضيا أو أميرا حكم على من زنا بالسجن أو على من سرق بالغرامة أو على من شرب الخمر بحكم مخالف لحكم الشرع ومن ادعى ذلك فعليه بالدليل المحكم الصريح الواضح الذي لا شبهة فيه, فكما أن حكم من حكم على الخمر أنها حلال مع علمه بحكم الله أنه كافر فكذلك فإن حكم من حكم على السارق بالسجن مع علمه بحكم الله أنه كافر أيضا سواء بسواء وكذلك من رد الحكم إلى غير شرع الله تعالى ولو كان مشابها لحكم الله تعالى أو حكم رسوله عليه الصلاة والسلام فهو كافر فهذا القول الذي أثر عن السلف موضع النـزاع ليس تفسيرا للآية وإنما فتوى لواقعة حصلت استدل المخالف لهم بالآية في غير محلها فأنكروا أن تكون دليلا على صحة ما ذهبوا إليه, فيجب قبل الإستشهاد بقولهم أن نعلم حقيقة الواقعة وهذا مالم يتعرض له مرجئة هذا الزمان جهلا وغفلة وتعالما فأرونا الواقعة ثم انقشوا.
عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس فقالوا:يا أبا مجلز أرأيت قول الله :ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(), أحق هو ؟ قال:نعم, قالوا:ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (المائدة :45),أحق هو ؟ قال:نعم!قال فقالوا : يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به وبه يقولون وإليه يدعون فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا ! فقالوا:لا والله ولكنك تفرق ! قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك أو نحوا من هذا, وفي رواية أخرى:قعد إلى أبي مجلز نفر من الإباضية قال فقالوا له:يقول الله:ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون()فأولئك هم الظالمون (المائدة:45) (فأولئك هم الفاسقون(المائدة:47), قال أبو مجلز: إنهم يعملون بما يعملون - يعني الأمراء - ويعلمون أنه ذنب ! قال:وإنما نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى قالوا: أما والله وإنك لتعلم مثل ما نعلم ولكنك تخشاهم قال:أنتم أحق بذلك منا! أما نحن فلا نعرف ما تعرفون! قالوا:ولكنكم تعرفونه ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيته.أ.هـ تفسير الطبري 4/588.
فقول الخوارج إفراط وقول المعاصرين تفريط وقولنا هو الحق لا إفراط ولا تفريط فالمخالف في الأفعال( التي ورد الدليل أنها ليست كفر), مسلم عاص والمخالف في الأحكام كافر خارج من الملة, فالحكم له صورتان لا ثالث لها وهي:
الأولى: الحكم بحكم الله إما عدلا وهي الإيمان أو ظلما وهي الفسق أو الكفر الأصغر.
الثانية: الحكم بغير حكم الله وهي الكفر.
وضل من ضل بسبب عدم التمييز بين هذه الأمور للشبهات والشهوات التي طغت على قلوبهم.
ب - إن ما تقرر هو قول العلماء من بعد ابن عباس رضي الله عنه فلا يوجد على الإطلاق عالم من السلف قال بأن الذي يخالف في الحكم الشرعي الوضعي أو التكليفي أنه مسلم ولكنهم يشترطون العلم بالحكم والرد إلى شرع الله تعالى فإذا تحقق علمه بالحكم فقد حكموا عليه بالإجماع أنه كافر خارج من الملة، ولذلك فان أقوالهم متعلقة بمن سرق أو زنا أو شرب الخمر ونحو ذلك أي: ما هو مثله أي المخالفة في الأفعال - النواهي والأوامر دون الكفر- وأذكر قولا جامعا لشيخ الإسلام محمد بن نصر المروزي رحمه الله: ومن ترك الإيمان الذي هو عمل مثل الزكاة والحج والصوم أو ترك الورع عن شرب الخمر والزنا فقد زال عنه بعض الإيمان ولا يجب أن يستتاب عندنا ولا عند من خالفنا من أهل السنة وأهل البدع ممن قال إن الإيمان تصديق وعمل إلا الخوارج وحدها فكذلك لا يجب بقولنا كافر من جهة تضييع العمل أن يستتاب ولا يزول عنه الحدود وكما لم يكن بزوال الإيمان الذي هو عمل استتابته ولا إزالة الحدود عنه إذ لم يزل أصل الإيمان عنه فكذلك لا يجب علينا استتابته وإزالة الحدود والأحكام عنه بإثباتنا له اسم الكفر من قبل العمل إذ لم يأت بأصل الكفر الذي هو جحد بالله أو بما قال قالوا ولما كان العلم بالله إيمانا والجهل به كفرا وكان العمل بالفرائض إيمانا والجهل بها قبل نزولها ليس بكفر وبعد نزولها من لم يعملها ليس بكفر لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقروا الله في أول ما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إليهم ولم يعملوا الفرائض التي افترضت عليهم بعد ذلك فلم يكن جهلهم ذلك كفرا ثم انزل الله عليهم هذه الفرائض فكان إقرارهم بها والقيام بها إيمانا وإنما يكفر من جحدها لتكذيبه خبر الله ولو لم يأت خبر من الله ما كان بجهلها كافرا وبعد مجيء الخبر من لم يسمع بالخبر من المسلمين لم يكن بجهلها كافرا والجهل بالله في كل حال كفر قبل الخبر وبعد الخبر قالوا فمن ثم قلنا أن ترك التصديق بالله كفر به وان ترك الفرائض مع تصديق الله انه أوجبها كفر ليس بكفر بالله إنما هو كفر من جهة ترك الحق كما يقول القائل كفرتني حقي ونعمتي يريد ضيعت حقي وضيعت شكر نعمتي قالوا ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين إذ جعلوا للكفر فروعا دون أصله لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعا للأصل لا ينقل تركه عن ملة الإسلام من ذلك قول ابن عباس في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
أنواع الفسق والشرك والكفر: قال أبو عبد الله قالوا وكذلك الفسق فاحتطنا فسق ينقل عن الملة وفسق لا ينقل عن الملة فيسمى الكافر فاسقا والفاسق من المسلمين فاسقا ذكر الله إبليس فقال ففسق عن أمر ربه وكان ذلك الفسق منه كفرا وقال الله تعالى وأما الذين فسقوا فمأواهم النار يريد الكفار دل على ذلك قوله كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون وسمي القاذف من المسلمين فاسقا ولم يخرجه من الإسلام قال الله والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون وقال الله فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فقالت العلماء في تفسير الفسوق ها هنا هي المعاصي كان الظلم ظلمين والفسوق فسقين كذلك الكفر كفران أحدهما ينقل عن الملة والآخر لا ينقل عنها فكذلك الشرك شركان شرك في التوحيد ينقل عن الملة وشرك في العمل لا ينقل عن الملة وهو الرياء قال الله جل وعز فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه أحدا يريد بذلك المراءاة بالأعمال الصالحة وقال النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة شرك قال أبو عبد الله فهذان مذهبان هما في الجملة محكيان عن أحمد بن حنبل وموافقيه من أصحاب الحديث.
حكى الشالنجي أنه سأل أحمد بن حنبل عن المصر على الكبائر يطلبها بجهده إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم هل يكون مصرا من كانت هذه حاله؟؟ قال هو مصر مثل قوله: لا يزني حين يزني وهو مؤمن يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام ومن نحو قوله لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ومن نحو قول ابن عباس في قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فقلت له :ما هذا الكفر قال كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. وقال ابن أبي شيبة لا يزني حين يزني وهو مؤمن لا يكون مستكمل الإيمان يكون ناقصا من إيمانه أ.هـ تعظيم قدر الصلاة 521-528.
فانظر رحمك الله بعين البصيرة وليس بعين التقليد إلى قوله: فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه أ.هـ أين النصوص الشرعية واختلاف العلماء فيمن حكم بالسجن على السارق أو بالسجن على الزاني وما شابه ذلك أو من رد حكمه إلى غير شرع الله تعالى أنه فاسق داخل دائرة الإيمان؟.
فالنتيجة: أن من لم يحكم على من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر فقد حكم بغير ما أنزل الله وينطبق عليه حكم الله بأنه كافر قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في ذكره لأنواع الطواغيت ما نصه:
الثاني : الحاكم الجائر، المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً (النساء:60).
الثالث : الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: َمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون (المائدة:44) أ.هـ الدرر السنية 1/162.
أنظر كيف أنه فرق بين الحاكم الجائر المغير أي: الذي شرع من عنده وبدل وبين من لم يشرع ولكن حكم بغير ما أنزل الله تعالى فجعلهما سواء وأنهما طاغوت ولم يتطرق إلى الاعتقاد.
سلسلة كشف الإضطراب عنه آية الإجتناب (30)
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف إضطراب المرجفون الذين يستدلون بتربية موسى في قصر فرعون بقوله تعالى :قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ[الشعراء18].
قال : المضطربون عن إجتناب الطاغوت
أليس موسى عليه السلام تربى في قصر فرعون ؟وهذا دليل على أنه لم يجتنب فرعون الطاغوت وكذلك يوسف .أهــــــــ
أقول بعون الله وتوفيقه :
إن موسى عليه السلام احد اختاره العليم الخبير قال تعالى : وأنا اخترتك فاستمع لما يُوحى ) وقال: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) وقال تعالى في شأن الأنبياء (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات .... ) (الأنبياء: ٧٣)
لقد آذوا كليم الله بقولهم أنه لم يجتنب الإله من دون الله فرعون وبين تعالى عندما قال فرعون لموسى اتخذني قال لئن اتخذت الها غيري لجعلنك من المسجونين) الاية وقال البارئ عنه : واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا. ٥١) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ٥٢]
قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) الأحزاب: ٦٩]..وبرأته عليه السلام من قول المرجفون في كل زمان موجودة في القرآن وهذا بيان برأته من ما قالوه عنه ( لم يجتنب الطاغوت الإله الباطل
لقد تحدث القرآن عن المرحلة التي سبقت ميلاد سيدنا موسى (- عليه السلام -) بصورة موجزة، ثم فترة ولادته وإرضاعه، ومرحلة دعوته لاجتناب الطاغوت ولم يتحدث عن الفترة التي هي ما بين إرضاعه إلى أن بلغ أشده واستوى ولا أدري من اين علم هؤلاء المرجفون أن موسى لم يجتنب الطاغوت في تلك الفترات التى لم ياتي القرآن بذكرها ! إن هُم إلا مفترون الكذب على الله ورسوله موسى قال تعالى : إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بالآيات الله وأولئك هُم الكاذبون.
1- مرحلة : ولادة ونشأة موسى عليه السلام والحِكمة من نشأته في بيت فرعون ) .
يقول تبارك وتعالى : {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} .القصص 6/
قال : تبارك في بداية سورة القصص :: {نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون}القصص 2) هنا إشارة لقوم يؤمنون بالله وإشارة إلى قص حالة بني إسرائيل في ظل حكم فرعون بقوله: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا}القصص 3)
2- بداية مرحلة فرج إخراج المستضعفين في الأرض فأوضح الله تعالى : أن الفرج قريب بقوله: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ( )القصص 4) ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهمان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} القصص 5)
بهذه الآيات الوضحات جاء منهُ سبحانه وتعالى على بني إسرئيل بموسى للذين استضعفوا بالتقاط جنود فرعون لموسى عليه السلام قال تعالى : {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا.القصص 7 )
قال ابن كثير: " إن الله تعالى قيضهم لالتقاطه ليجعله عدوا لهم وحزنا، فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه، ولهذا قال تعالى: {إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} " تفسير القرآن العظيم: ٣ /٣٨٠.
وقال القاسمي: " إنهم مجرمون، فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم، ومن هو سبب هلاكهم على يديه " محاسن التأويل: ١٣ /٤٦٩٧.
ومن بيان البديع في الآية أنها دلت على ما يكون عليه آل فرعون من غرقهم في البحر من طرف خفي، فهم قد التقطوه ليكون لهم مغرقا في البحر، فلا يلتقطه أحد، وهو من شواهد الإعجاز القرآني.
3- فلما تعلقت إرادة الله بإنقاذ بني إسرائيل من الذل وتعبيدهم لغير الله فجاء إنقاذ الله لهم بموسى الذي كان يحذره فرعون على ملكه، وكان يذبح أبناء بني إسرائيل لأجله وقضى الله أن ينشأ موسى ويتربى في بيت الذي يحذره ويحتاط لأجله {وهم لا يشعرون} : أي: بإلقائه هو الذي يفسد ملك فرعون على يده قاله قتادة، وغيره ـ
إن تربية موسى في بيت فرعون التحدي الإلهي الكبير لقوة فرعون الغاشمة من طفل رضيع لا حول له ولا قوة، إلا من قوة الله وحمايته.
فيتحدى الله به جبروت فرعون وعظمته، وإدعائه للاوهية فقد قتل فرعون مئات الأطفال من أجل العثور على هذا الطفل الموعود الذي سيكون على يديه هلاك ملكه، وإزالة هذا الطاغوت فيتحدى الله كل حصونه، ويفشل فرعون بكل تدابيره، ويجعل هذا الطفل الموعود في متناول يده وبين جنده وحراسه وفي قصره، ولا يستطيع أن يؤذيه بشيء لأنه صُنع على عين الله.
وياتي المرجفون في هذا الزمان ويقولوا أن نشأته عليه السلام كانت دليلاً على التعامل مع الإله من دون الله (-الطاغوت -) وأنها دليل عدم اجتناب موسى الطاغوت !!¡¡ مع ان الله خلق موسى ليزيل به طاغوتية فرعون و ليبين لكل فرعون بعده اجتناب الآلهة هو أساس الرسالة وهم المرسلين.
4 - دَوْر آسيا أمرأة فرعون.
قال تعالى : {وقالت امرأة فرعون} آسيا
وقد امتدحها القران الكريم في قوله تعالى: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} التحريم: الآية ١١.
وأثنى عليها رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فقد أخرج الإمام احمد عن أنس بن مالك قوله: قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) : ((خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد))
قلت آسيا {قرة عين لي ولك لا تقتلوه} :ثم ذكرت العلة التي قالت لأجلها ما قالت {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} ، أي: لعلنا نصيب منه خيرا لأني أرى فيه مخايل اليمن ودلائل النجابة، أو نتخذه ولدا لما فيه من الوسامة وجمال المنظر التي تجعله أهلا لتبني الملوك له، وكانت لا تلد فاستوهبته من فرعون، فوهبه لها .
أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال: " قال امرأة فرعون: {قرت عين لي ولك لا تقتلوه} قال فرعون: قرة عين لك أما لي فلا. قال محمد بن قيس: قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) : ((لو قال فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعا)) " الجامع لأحكام القرآن: ١٣ / ٢٥٤.
فإن وجود امرأة فرعون كان بقدر الله حتى يتم إنقاذ سيدنا موسى (- عليه السلام -) ، فقالت امرأة فرعون: {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} ، وهذا من المعاني الكامنة في سياق النص.
5 - أم موسى بعد أن وضعته في اليم كانت خائفة عليه من الذبح، وطمأنها ربها بأن ترضعه ليتقوى للمهمة اللاحقة، وهي المدة التي يستغرقها في سيره في اليم لحين وصوله إلى قصر فرعون، ثم عودته إلى أمه بعد معجزة تحريم المراضع عليه.
قال تعالى لأم موسى {فألقيه في اليم}
هذا أمر لأم موسى من الله فهي تنفذت أمر الله ولم تذهب به إلى فرعون من تلقى نفسها كما يفعل المرجفون اليوم يذهبون للطاغوت الإله من دون الله ويطلبون منه وثائق أو العمل معه أو اي تعامل معه محتجنا بتربية موسى في قصر فرعون وأن موسى كان تعامل مع فروعون ولم يجتنب الطاغوت سبحان الله العظيم ولا أدري أين دليلهم لتعامله مع الإله من دون الله في شيء من دين فرعون ؟!! أكيد أن المرجفون لا يعلمون مهمة الرُّسُل وما جاء موسى إلا لإجتناب هذا الطاغوت.
قال البارئ عز وجل : {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه}
وقال : وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} : قال ابن عاشور: " الفاء فصيحة تؤذن بجملة مقدرة، أي: فأظهرت أخته نفسها كأنها مرت بهم عن غير قصد، وإنما قالت ذلك بعد أن فشا في الناس طلب المراضع له، وتبديل مرضعة عقب أخرى، حتى عرض على عدد كثير في حصة قصيرة، فعرضت أخته سعيها في ذلك بطريق الاستفهام المستعمل في العرض تلطفا مع آل فرعون، وإبعادا للظنة عن نفسها.
لقد رد الله عز وجل لأم موسى ابنها كما وعدها ومن أصدق من الله حديثا قال تعالى : {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.
نلاحظ من النص القرآني أن الله جل وعلا بعد أن نهى أم موسى عن الخوف والحزن {ولا تخافي ولا تحزني} أراد الله جل وعلا طمأنتها أكثر من خلال المبشرات التي أعقبت النهي، لتقوية قلبها، وإزالة خوفها وحزنها.
فالبشارة الأولى {إنا رادوه إليك} .
وهذا أهم شي يشغل بالها.....
والبشارة الثانية هي البشارة بمستقبله بأنه سيكون من المرسلين........
قال القرطبي: " أي: رددناه. وقد عطف الله قلب العدو عليه، ووفينا لها بالوعد كي تقرعينها ولا تحزن " قال :ولتعلم أن وعد الله حق} :
ودل قوله تعالى: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} على أن الأمر كله بيد الله يرفع أقواما ويضع آخرين.
وهذا ما أكدته الآيات اللاحقة من سورة القصص كقوله تعالى: {وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الآولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} وما ختم به سورة القصص بقوله: {ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} ليؤكد للناس ولأمة هذا القرآن أن القوة لله، فهو المعز والمذل، وليؤكد مرة أخرى على الترابط القرآني بين أوله وآخره.
6 - إن تربية موسى عليه في بيت فرعون كانت تحدي إلهي للفرعون بادعائه للاوهية قال البارئ عز وجل: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين )
التحدي الإلهي بهذا الطفل الرضيع لقوة فرعون وجبروته، وليقتحم به حصون فرعون وجيوشه، فيستدل منه على أن الأمن والخوف بيد الله تعالى.
فإذا شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يجعل الخوف أمنا كإلقاء أم موسى لطفلها في اليم، وإن شاء جعل الأمن خوفا كما حصل لفرعون إذ قتل مئات الأطفال ليأمن.
ولكن الله جعل من أمنه خوفا، فأدخل الله موسى (- عليه السلام إلى قصره من حرص أن لا يدخله، وقتل ما قتل من أجل ذلك .
والمقصود الأصلي هو الغرض الديني ولكن الأكثر لا يعلمون أن الغرض الأصلي إزالة ألوهية الطاغوت فرعون وأن يُعبد الله وحده وأن يجتنبوا الطاغوت كل من يدعي الألوهية من دون الله تعالى في الأرض .
7 - قال تعالى : {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين} القصص ١٤)..
أوتي موسى الرسالة بعد خروجه من أرض مدين قال تعالى : فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون * ٢٩) فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين * ٣٠) وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين *٣١) اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين *٣٢)
بهذه الآيات لقد جاء أمر الرب تبارك وتعالى لموسى أن يذهب إلى فرعون ويدعوه لعبادة الله قال تعالى : فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل )
لقد جاء نصر الله للمستضعفين الذين قال الله : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.
قال موسى لفرعون أرسل معنا بني إسرائيل وهذا أمر من الله أن يذهب موسى وهرون إلى فرعون فإنهم لم يذهبوا من راسهم لهذا الطاغوت ( اذهبا إلى فرعون أنه طغى)
تقدير الكلام فأتياه فقالا له ذلك وبلغاه ما أرسلا به من دعوته إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وأن يفك أسارى بنى إسرائيل من قبضته وقهره وسطوته وتركهم يعبدون ربهم حيث شاءوا ويتفرغون لتوحيده ودعائه والتضرع لديه فتكبر فرعون في نفسه وعتا وطغى ونظر الى موسى بعين الازدراء والتنقص قائلا له ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين.
أي أما أنت الذي ربيناه في منزلنا وأحسنا إليه وأنعمنا عليه مدة من الدهر قد ذم الله تعالى فرعون بكونه رفع نبوة موسى بما تقدم من قتله نفسا بغير حق فقال {ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين )الشعراء ١٨) وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * ١٩.
قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) ٢٠) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين} الشعراء ٢١)
وكان موسى صلى الله عليه وسلم قد تاب من ذلك كما أخبر الله تعالى عنه وغفر له بقوله {فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم}القصص ١٥)
وقول فرعون لموسى : وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين -) أي وقتلت الرجل القبطي وفررت منا وجحدت نعمتنا ....قال فعلتها إذا وأنا من الضالين * أي قبل أن يوحى إلى وينزل على ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين )
8 - حوار دعوا إلى الله المرجفون يعدونه تعامل مع الإله من دون الله ¡
عندما قال موسى لفرعون عما امتن به من التربية والإحسان إليه وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل أي وهذه النعمة التي ذكرت من أنك أحسنت إلي وأنا رجل واحد من بني إسرائيل .
أنظر إلى اسئلة فرعون وماذا يقول موسى له إنها الدعوة الى الله .
قال فرعون وما رب العالمين ؟ سئلا
قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين. }
قال لمن حوله ألا تستمعون}. قال ربكم ورب آبائكم الأولين}.
قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون}.
قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون}
يذكر تعالى ما كان بين فرعون وموسى من المقاولة والمحاجة والمناظرة وما أقامه الكليم
على فرعون اللئيم من الحجة العقلية المعنوية ثم الحسية وذلك أن فرعون قبحه الله أظهر جحد الصانع تبارك وتعالى مع انه معترف بسالة بموسى قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} .
وزعم أنه الإله فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى وقال يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري وهو في هذه المقالة معاند يعلم أنه عبد مربوب وأن الله هو الخالق البارئ المصور الإله الحق كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين .
لقد أنهى موسى رسالته إلى فروعون وملأه وصدق الله وعده بالمنة على بني إسرائيل وأن يجعلهم الوارثين بقوله تعالى : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ( )القصص 4) ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهمان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} القصص 5) اخرج فرعون وملأه قال تعالى: فأخرجناهم من جنات وعيون (٥٧) وكنوز ومقام كريم (٥٨) كذلك وأورثناها بني إسرائيل (٥٩) الشعراء.
9 - المرجفون بعد أن آذوا موسى آذوا مؤمن آل فرعون.
يقول المرجفون طيب الرجل الذى كان يكتم إيمانه وهو يعمل مع اكبر طاغوت عرفه التاريخ ما إجتنب ذات فرعون الطاغوت لماذا أم لم يكن أمر بذلك أم لم يكن فى رسل أيامه.أهـــــــ
أقول بعون الله وتوفيقه :
ليس عندنا زيادة على نص القرآني هـذا الرجل المؤمن كان داعية دعاهم إلى التوحيد والإيمان بالله وكان يدعوهم فلم يجيبوه والقرآن أثبت ذلك قال تعالى عن مؤمن آل فرعون : {وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ}
فهل مؤمن آل فرعون كان يتعامل مع فرعون الإله من دون الله وشرئعه ؟ ! من عنده أثبات بدليل فل يأتي به !
اليس ما ذكره الله عنه أنه كان مؤمن يكتم إيمانه فهل عندكم شك أيها المرجفون في خبر الله تعالى عنه انه كان مسلم موحد لله كاتم إسلامه ؟!!!
أنه جهر بإيمانه عندما تطلب منه ذلك هذا كل ما رويا عن مؤمن ال فرعون اما هناك تصرفات وأعمال كان يعملها لا نعرفها عرفوها لنا نكون لكم من الشاكرين لأننا نقف مع النص إذا عندك ادلة على غير الذي ذكر هاتوا ماعندكم. !
الم يقراء هؤلاء المرجفون هذه الآيات التى تتحدث عن الرجل المؤمن من آل فرعون ؟!!
قال تعالى: وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ {28} يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ {29} وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ {30} مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ {31} وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ {32} يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {33} وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ {34}............ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39} مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ {40} وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ {41} تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ {42} لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {44} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ.
بنسبة لمشاطة بنت فرعون وإنها كانت تعمل مع فرعون : أن الحدث الذي ورد فيها ضعيف واصحاب الدين الضعيف يسدلون بالضعيف و يحتجون بالضعيف في مقابلة القوي من الدليل (اجتنبوا الطاغوت ) والحديث الضعيف ظن وليس الصريح قال تعالى: إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا)..وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
10 -آخيرا ؛ إن المرجفون الذين يسدلون بتربية موسى في قصر فرعون ! وتربية يوسف في قصر العزيز عليهما السلام ...
1/ : إن هذا يسمى عند الأصولين دليل عملي والدليل العملي باتفاق علماء الأصول لا يستدل به إلا بصورته لا عموم له .
2- : من استدل بحادثة موسى ويوسف عليهما السلام فلا يحق له ان يستدل إلا بنفس الصورة اي أن يكون ممن دخل بيت فرعون أو العزيز على اساس( عسى أن ينفعنا أونتخذه ولدا.
ومن كان زوجة لفرعون يجوز له ان يستدل بزوجة فرعون .. أما ان يصبح الجم الغفير ذكرانا واناثا زوجات لفرعون فهذه من العجائب والغرائب التى تشمئز منها النفوس فعجبا لادعياء التوحيد يعتبرون انفسهم بمنزلة زوجة فرعون ومشاطة بنت فرعون .
والحمدلله رب العالمين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More