الاثنين، 25 سبتمبر 2017

الاســـــــلام


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل له عوجا منه آيات محكمات هن أم الكتاب نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده   والصلاة والسلام على من جعله الله الأسوة الحسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر المبعوث رحمة للعالمين وعلى صحابته الصادقين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
 السلام عليكم ورحمة الله    وبعد:      
الإسلام هذا الدين الذي جعل الله تعالى جزاء أهله الحسنى وزيادة ورضوان من الله أكبر الذي من ابتغى غيره لن يقبل منه قال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين () والذي أرسل الله تعالى رسله لدعوة الناس إليه، له حقيقة يجب أن يتعامل معه من خلالها وهي انه كأي دعوة قابلة للرفض والقبول ففيه خصائص تدعوا إلى قبوله وفيه خصائص تدعوا لرفضه ولكن قابلية رفضه هي الغالبة فهو دين مرفوض ابتداء. فهذه حقيقة يجب أن تكون من الثوابت في التعامل مع البشر قال سبحانه: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين() وقال تعالى: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون()
وقال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يظنون () وقال تعالى: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ()وقال تعالى: المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون () ولم يعرض على إنسان إلا وحصل عنده التردد بدرجات متفاوتة إلا أبا بكر الصديق رضي الله عنه ولذلك استحق أن يكون خير البشر بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام فما من أمة جاءها رسولها إلا كذبوه مع أن الرسل يدعون أقوامهم لخيري الدنيا والآخرة ففي الآخرة جنات عرضها السموات والأرض وفي الدنيا حياة خالية من الشقاء والضلال وهذا بينه تعالى في كتابه العزيز من خلال قصص الأنبياء:
قال تعالى:واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون () إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون () قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون () فكانت النتيجة أن آمن رجل واحد
يا الله ثلاثة رسل ولم يؤمن إلا رجل واحد قال تعالى:وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين().
والرسول عليه السلام بين أنه يأت النبي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان ويأت النبي وما معه أحد.
وهذا نبي الله نوح عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وكانت النتيجة على أكثر الروايات إيمان بضع وثمانين وكانت دعوته مليئة بالمغريات التي تدعوا النفس للقبول، قال تعالى حاكيا قول نوح: قلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا() وبينها تعالى بقوله: فاتقوا الله وأطيعون() فإن فعلتم ذلك فلكم: يرسل السماء عليكم مدرارا( ) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا() فهذا هو الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي في الدنيا مع ما ينتظرهم من نعيم في الآخرة وهذا كله عوامل قبول فماذا كان في دعوته من عوامل جعلتهم يقولون كما أخبر الله تعالى عنهم: وقالوا لاتذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا() وهكذا كل قوم على غير دين الله تعالى؟
الجواب: إن الرسل عليهم السلام يأتون إلى البشر ويدعونهم إلى الإسلام فداعي القبول في هذه الحالة واحد وهو وازع الإيمان في القلب ويقابل بعوامل رفض هي: 
--- الشيطان: الذي يجري من بن آدم مجرى الدم والذي أخذ العهد على نفسه أمام الله تعالى بإغواء بني آدم وصدهم عن الحق ليكونوا شركاءه في العذاب المهين قال الله تعالى عنه: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم () ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين () أي: ولا تجد أكثرهم مسلمين لان الشاكر هو المسلم قال تعالى: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا() إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا () فالله خلق الناس وجعل لهم جنسيتين فقط إما الإسلام وإما الكفر قال تعالى: هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن () فهو(الشيطان) سيقف في طريق الحق- وهو الإسلام- لصد الناس عنه بشتى الوسائل والأساليب ومن جميع الاتجاهات إلا الجهة العلوية التي يأتي منها الحق أما باقي الجهات فان الشيطان يأتي لابن آدم منها ليحول بينه وبين الهداية، فطريق الحق من جهة واحدة وطرق الشيطان من أربع جهات بناءا على ذلك يتبين أن عامل الرفض أقوى من عامل القبول.وكذلك فان الإغواء من الشيطان من قبل نقاط الضعف في البشر وهي حب الخلود والملك المحسوسين وهو المدخل الذي جاء منه إلى أبوي البشرية: هل أدلكم على شجرة الخلد وملك لا يبلى ().
 قال تعالى: إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير() والشيطان لا يختص بالجن وإنما هناك شياطين الإنس قال تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا() وشياطين الإنس هم الذين يتفقون مع شياطين الجن في النتيجة: إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير() فكل من يقود أتباعه الى السعير فهو شيطان لا فرق بينه وبين شيطان الجن وقد بينهم تعالى بقوله:
-       الطواغيت الفراعنة المستمدون سلطانهم من دساتير ما أنزل الله بها من سلطان ويصرفون شؤون الناس من خلالها قال تعالى: يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود () ماذا فعل: فاستخف قومه فأطاعوه ()
-       السادة والكبراء قال تعالى: وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ()
-       الأحبار والرهبان( علماء الضلالة) قال تعالى:اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله  الآية ()
وصدق العالم الرباني عبد الله بن المبارك حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك          وأحبار سوء ورهبانها
--- النفس: والنفس بطبيعتها أنها أمّارة بالسوء قال تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم () والاستثناء يكون للقليل من الكثير فأكثر النفوس أمارة بالسوء الذي هو بخلاف الحق الذي هو خير بالإضافة إلى أن النفس مجبولة على الراحة والدعة والميل إلى الأسهل والأخف عليها لأنها قائمة على دعامتين هما:
-   التقليد الأعمى للآباء قال تعالى:بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون()
-   الألفة للموروثات قال تعالى: إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون()
 والإسلام مخالف للنفس ومخالف للتقليد ومخالف للموروثات لأنها غير قائمة على شرع صحيح وهو شاق يصعب على النفس قبوله، قال تعالى: قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها().
--- الهوى: والهوى يتميز بعدم الاستقرار وليس له ضابط يحدد حركته فهو يتميز بالتخبط والطيش والخفة وكلها عوامل تخالف طبيعة الإسلام الذي هو منهج حياة منضبط بضوابط ربانية تحكم حركة الإنسان في الحياة قال تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ()، وقال تعالى:أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون()، وقال تعالى: ولا تتبع أهواءهم () وقال تعالى: ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله () فالإسلام يجب أن يقدم بطبيعته وصورته الحقيقية المتمثلة بعوامل القبول والرفض ليتم الاختيار من الإنسان اختيارا حقيقيا صحيحا خاليا من التقليد والغفلة ليتحمل تبعات اختياره في الدنيا والآخرة فالله تعالى قال: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا() وأساس الإتباع قائم على ما بينه تعالى من قصة موسى عليه السلام مع الخضر: هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا() قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ()قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمر()، إنه الصبر والطاعة المطلقة القائمة على اليقين بأسماء الله وصفاته.
لذلك فإن الإسلام يقوم على مقومات ويمتاز بخصائص يعرض ويقبل من خلالها هي:
أولا: الإسلام علم: ولا يمكن الحصول عليه إلا بالتعلم فمن تعلم الإسلام فقد أصبح على علم بحقيقته ليأخذه بعلم وبصيرة وليس عن جهل وغفلة قال تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله () وقال تعالى: هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب () فهو كأي علم آخر لا بد من تعلمه ولا يمكن الحصول عليه بطريق الوراثة فكما إن ابن الطبيب لا يولد طبيبا وابن النجار لا يولد نجارا إلا إذا علم الطبيب ابنه الطب وعلم النجار ابنه النجارة فكذلك الإسلام قال عليه الإسلام: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرناه أو يمجسانه (). والعلم هو معرفة الشيء والعمل به فإذا لم يعمل به فلا يكون علما ولذلك قيد عليه الصلاة والسلام النجاة بالوفاة على لا إله إلا الله بالعلم بقوله: من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة().وكذلك الإسلام الذي هو لا اله إلا الله شهادة قال عليه السلام: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله…الحديث. والشهادة هي دليل عملي على الحصول على المشهود به والشهادة تكون حقيقية وصادقة لمن حصل عليها بعد العلم.
ولهذا كان من الحكمة التي أمر الله بها وأعطاها أهل الإيمان أن يعلموا أولادهم الإسلام وهو عبادة الله وحده وعدم عبادة غيره قال تعالى: ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد () وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم () نعم قبل أن نعلم أبناءنا القراءة والكتابة وغير ذلك لا بد أن نعلمهم الشرك الذي هو الكفر ليحذروه وليكونوا على بصيرة منه علم في الصغر حتى لا يقابل بعوامل الرفض عند البلوغ لأن الإنسان قبل البلوغ على دين أبويه فإذا بلغ أفصح عنه لسانه وعمله بما تعلمه من دين فالكفر الذي هو عبادة غير الله تعالى هو الظلم العظيم.
ثانيا: الإسلام غاية وهدف: فالإسلام ليس مجرد أمر قضي وانتهى أمره وأنه أصبح مضمونا بمجرد قول أو فعل  قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون () فيجب تحقيق الإسلام في كل لحظة من لحظات الحياة لأن الإنسان لا يدري في أي لحظة يأتيه الموت فربما يكون بعد ثانية أو دقيقة أو يوم أو يومين أو سنين فلا بد من أن يكون الإنسان حريصا غاية الحرص ليكون محققا للإسلام وجاهزا لاستقبال الموت في أي لحظة . فالوفاة على الإسلام أمنية غالية يتمناها قدوة البشر وهم الأنبياء والرسل قال تعالى حاكيا عن يوسف عليه السلام: رب توفني مسلما وألحقني بالصالحين () وهي وصية أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام وأبناؤه من بعده والتي هي من ملة إبراهيم التي أمرنا بإتباعها قال تعالى: ووصى بها إبراهيم بينه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون () وقد قبلوا وصيته قال تعالى: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل واسحق إلها واحدا ونحن له مسلمون () فعلموا أن الإسلام هو عبادة الله وحده الذي هو إله آبائهم وان عبادة الله وحده هو الإسلام. إذن فكل الأهداف والغايات في حياة الإنسان لمن أراد الإسلام تصبح لاغية وتتحول من غايات وأهأي:إلى وسائل يجب أن يتحقق فيها الإسلام فإذا لم يتحقق الإسلام بها يضرب بها عرض الحائط فلا عشائرية ولا رفاهية ولا وطنية ولا قومية ولا علو منزلة ولا غنى ولا أولاد ولا أبناء ولا زوجات ولا آباء ولا أمهات ولا مساكن ولا تجارة فكل هذا يجب أن يتحقق فيه الإسلام كغاية وهذه تصبح وسائل يحقق الإنسان من خلالها توحيده.فالإسلام يستغرق حياة المسلم كلها بجميع جوانبها قال تعالى: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين () أي: أن الإسلام هو عبادة الله تعالى وحده حتى الموت.
ثالثا: الإسلام مؤثر بطبيعته من خلال إعلانه والعمل به دون إشهار السيف في وجه مخالفيه. فما الذي جعل الأمم تقف في وجه رسلها وتقابلهم بالعداء والرفض والتكذيب والتعذيب بمجرد أن قال لهم الرسل اعبدوا الله مالكم من اله غيره أي: أسلموا. فهناك ردة فعل شديدة وعنيفة من البشر تجاه الدعاة إلى الإسلام رسلا وورثة رسل.وطبيعة الإنسان السوية انه لا يحدث ردة فعل إلا تجاه حدث أثّر عليه، ودرجة ردة الفعل تتفاوت بتفاوت هذا التأثير، فما الذي جعل قريش تقابل الرسول عليه السلام كما بين تعالى:وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ()؟ وهذا دأب الأمم مع رسلها: الحبس والقتل والإخراج والتعذيب.فما الذي جعل فرعون يقول لموسى عليه السلام: قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين()
وما الذي جعل قوم صالح يردوا كما حكى الله عنهم:وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون () قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون()
وما الذي جعل قوم شعيب يقولوا له: لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا() وهذا بلال بن رباح رضي الله عنه عبد حبشي لا يؤبه به ما أن أعلن إسلامه حتى أصبح ندا لزعماء قريش بحيث تولوا تعذيبه بأنفسهم فهو لم يفعل إلا أن اسلم وأعلن إسلامه فما هو تأثير إسلام بلال على زعماء قريش فهو لم يحمل سلاحا عليهم ولم يفعل شيئا، وقف الأب في وجه ابنه والأم في وجه ابنها والأخ في وجه أخيه وأبناء العمومة بوجه عمومتها وكان فرقا بين الناس.
فما بال الناس هذه الأيام يقولون في بلاد الكفر التي طبقت الأرض نحن مسلمون ونشهد أن لا اله إلا الله ولا تأثير لهذا في واقع الحال ؟!!
إن تأثير الإسلام أنه مغير لأنظمة الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأخلاقية إنه التغيير لسلوك البشر ولمنهج الحياة وهذه الحقيقة بينها تعالى بوضوح فعندما جاء موسى عليه السلام إلى فرعون ودعاه إلى الإسلام كان الرد: وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد () فهناك أثران للإسلام وأهله في المجتمعات:
الأول: - تبديل الأديان هو عمل الإسلام وهو تغيير منهج الحياة ليكون قائما على قول الله تعالى وقول رسوله عليه الصلاة والسلام وأن تكون مناهج الحياة كلها صغيرها وكبيرها مستمدة من المصدر الرباني وإلغاء أي قول ومصدر آخر سواء قال فرعون أو قال الملك أو الزعيم أو الرئيس أو الشيخ أو فلان وفلان أو قال الحجر أو الشجر أو القانون أو الدستور أو الشرعية الدولية أو القانون الدولي أو الأمم المتحدة أو أي مسمى سماه الناس: إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان().
الثاني:-وإظهار الفساد حسب ادعاء الكفار هو إظهار الصلاح في الواقع وهذا الفساد الذي زعمه فرعون بقوله:يبدل دينكم( نظام حياتكم) -وكل نظام غير الإسلام- القائم على الطبقية المتعددة والتفاضل بين البشر بناءا على اعتبارات متعددة وفاسدة.فالمجتمع الذي يكون حاكمه طاغوتا فرعونيا أو غيره( محكوما بغير شرع الله) تجد أن عقلية فرعون أو عقلية الحاكم هي نفس عقلية غالب الناس في بيئته- وصدق من قال: الناس على دين ملوكهم- لأنه خلال سيطرته عليهم أدبهم بأدبه وعلمهم دينه ورباهم بتربيته وهذا ما بينه تعالى بقوله: وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك الآية فعقلية الملأ هي نفس عقلية فرعون( الحاكم) وبالتالي فإن هؤلاء الملأ وهم السادة يمثلون مجتمعهم- إلا من رحم ربك- أما في دين الله تعالى فالناس سواسية كلهم مأمورون ومحكومون ومتبعون لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى فهذا هو الفساد الذي يقرره فرعون وملأه.
رابعا :الإسلام صعب  وليس سهل: فصعوبة الشيء تعرف من خلال النتيجة المترتبة عليه فما كان حقيرا فجهد الحصول عليه حقير وما كان عظيما فجهد الحصول عليه عظيم فالإنسان يعمل طول النهار بضعة سنين ليحصل على بيت يكنه وقوت يشبعه،وكل عمله في حياته التي هي شقاء وعناء ولا يكاد المرء يرى أولاده،لا يزيد في عمره ثانية واحدة ولا يزيد في رزقه ذرة واحدة وفوق ذلك كله فنهايته الموت الذي يحرص كل الحرص ليفر منه وهو ملاقيه . أما نتيجة الإسلام فهو خلود أبدي في جنات عرضها السموات والأرض فكم يستغرق العمل من أجل ذلك ؟ إنه عقد الإيمان قال تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... الآية. نعم:إن مقابل التضحية بالمال والنفس ليس قصرا في الدنيا أو جاها إنما هو شيء آخر فهذا النبي صلوات الله وسلامه عليه يمر على آل ياسر وهم يعذّبون ويقّتلون فلم يعدهم بالنجاة والرئاسة في الدنيا وإنما ذكرهم بعقد الإيمان بقوله: صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنة() نعم إنه الصبر ولا يكون الصبر إلا على الصعاب والمشاق قال تعالى: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا () انه الإسلام انه الثقل ومن حمل الثقيل فيجب أن يوطن نفسه على الصبر لأن النتيجة هي خلد وملك لا يبلى حقيقيين ولكن غير محسوسين في الدنيا وإنما من خلال الإيمان واليقين.
وصعوبة الإسلام بينها تعالى أيضا بأروع مثل قال تعالى:لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون () فإذا كانت الجبال الرواسي تتصدع ولا تستطيع حمل القرآن الذي هو يمثل الإسلام فكيف الحال بالإنسان ذلك المخلوق الضعيف قال تعالى: وخلق الإنسان ضعيفا()ولذلك كان العمل بالإسلام جهادا: وجاهدوا في الله حق جهاده.. الى قوله هو سماكم المسلمين () وكانت الدعوة بهذا القرآن وإلى الإسلام جهادا: فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا() فما هو الإسلام ؟ إن الإسلام القائم على اليقين والصبر والاطمئنان الى وحي الله وشرعه يتضمن أمرين، إعلان وترجمة عملية لهذا الإعلان:
- فالإعلان الذي هو الإقرار هو قول: لا إله إلا الله قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون() فعندما يقولها الإنسان يجب أن يعني بقوله هذا: أنه منذ هذه اللحظة- لحظة الإعلان- أن منهجه في الحياة قائم على تأليه الله وحده أي: أيها الناس أنا لا أؤله إلا الله ولا تأليه عندي لغيره.
- والترجمة العملية هي أن تكون أقواله وأعماله تقول-لا إله إلا الله- إني لا أؤله إلا الله تعالى والإسلام العملي بينه تعالى بقوله:ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين() إذن فكل عمل وقول يجب أن يحقق فيه الإنسان عبادة الله واجتناب الطاغوت لان هذا الأمر هو أول ما يسأل عنه البشر جميعا رسلا ومرسل إليهم قال تعالى: فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين () وبين تعالى سؤاله للرسل بقوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم () وبين تعالى سؤاله للمرسل إليهم بقوله: ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين () فيا أيها الرسل ماذا أجابتكم أقوامكم قولا وعملا عندما دعوتموهم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت.
وأنتم أيها الناس ماذا عملتم بدعوة الرسل هل عبدتموني واجتنبتم الطاغوت أي: ( أطعتموني وحدي وحكمتم بأحكامي وحدي واتبعتم شرعي وحدي ونصرتموني وحدي ). وهذا الأمر هو أمنية الكافرين التي يتمنون العودة إلى الدنيا لتحقيقها قال تعالى: وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل () انه إجابة دعوة الله بعبادته واجتناب الطاغوت فلا نجاة من الخلود في جهنم إلا بذلك.والطاغوت هو كل ما تجاوز حده من معبود أو متبوع أو مطاع أو متحاكم إليه وهو من الطغيان مجاوزة الحد فما معنى ذلك وكيف يكون؟
الجواب: إن الله تعالى خلق الخلق جميعا فكلهم خلقه ولا خالق سواه فيجب أن تكون علاقة الخلق بالخالق علاقة مخلوق بخالق. فالخالق معبود والخلق عابد فالخالق آمر والمخلوق مأمور قال تعالى:ألا له الخلق والأمر() فلا يكون آمرا إلا من كان خالقا ولا خالق إلا الله تعالى فعلى الخلق أن يكونوا مأمورين فهم متساوون في هذا فلا يحق أن يكون البعض آمرا على بعض إلا بأمر الله تعالى فحينها يكونون جميعا مأمورين أن يأمروا بأمر الله قال عليه السلام: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته () فيجب عليكم أن تكونوا آمرين بأمر الله تعالى مأمورين بأمره، فمن أمر بغير أمر الله تعالى فقد تجاوز حده وطغى ومن أأتمر بأمر غير الله تعالى فقد تجاوز حده وطغى وهذا هو معنى قوله تعالى: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم() وألوهيته في السماء أي: ألوهيته وربوبيته للملائكة كما قال تعالى: يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون() وبين أيضا ألوهيته لهم بقوله: لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون()
وكذلك فالخالق حكم ومتحاكم إليه والمخلوق محكوم ومتحاكم إلى حكم الله تعالى فمن حكم بغير حكم الله تعالى فقد طغى وتجاوز حده ومن تحاكم إلى غير حكم الله تعالى فقد طغى وتجاوز حده قال تعالى: إن الحكم إلا لله().
وكذلك فالخالق مشرع وشرعه متبوع والمخلوق متبع قال تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون() فمن شرع غير شرع الله تعالى أو رد شرعه إلى غير الله تعالى فقد طغى وتجاوز حده ومن اتبع غير شرع الله تعالى فقد تجاوز حده وطغى.
كذلك فإن الخالق محبوب والمخلوق محب ولا يحب إلا ما أحبه الله تعالى قال تعالى: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله() وقال تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان الآية.وقال تعالى: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين().
وكذلك فالخالق منصور والمخلوق ناصر لخالقه ومن أمر بنصرته قال تعالى:واتخذوا من دونه آلهة لعلهم ينصرون().
وخلاصة ذلك كله هو أن يكون الله تعالى ورسوله المطاعان وأن يرد الأمر إلى الله ورسوله في الأمور كلها صغيرها وكبيرها قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا() فالرد إلى الله والرسول هو الإيمان بالله واليوم الآخر وهو الإسلام والرد إلى غير الله والرسول كفر بالله واليوم الآخر.وعليه فإن الله تعالى يبعث الرسل حين ينتشر سلطان الطواغيت وتصبح حياة أكثر الناس من خلال أوامرهم وأحكامهم وتشريعاتهم فهم غارقون في عبادة غير الله تعالى ( الطواغيت) ليذكروا الناس بالميثاق الذي أخذ عليهم ويدعونهم الى طاعة الله وحده والحكم بحكم الله وحده والتحاكم إلى حكم الله وحده واتباع شرع الله وحده والعمل من أجل الله وحده ومحبة الله وحده، وهذا يعني قطع الحياة من خلال الطاغوت واستئنافها من جديد من خلال قول الله تعالى وقول رسوله.
فهذا أول أمر يسأل عنه الناس يوم الحشر يوم الموقف العظيم يوم الحسرة والندامة يوم لا ينفع مال ولا بنون يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، وهذا أيضا أول ما يسأل عنه العبد في أول منازل الآخرة في قبره كما بين ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن عن البراء أن رسول الله قال وذكر قبض روح المؤمن فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان من ربك...() إنه السؤال العظيم الذي يتوقف عليه السعادة الأبدية أو الشقاء الأبدي، من ربك ؟
أي: بأمر من كنت تأتمر ومن كنت تطيع؟ قال تعالى: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين()وبأحكام من كنت تحكم وإلى من كنت تتحاكم ؟ قال تعالى: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله() وقال تعالى: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ()
بأي شرع وقول كنت تعمل وتتبع ؟ قال تعالى:اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ()
فالجواب: إما الله وحده وتحصل النجاة وأما إن كانت حياته قائمة على غير شرع الله أو شرع الله وغير شرع الله فلن يستطيع الإجابة كما ورد في الحديث: فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان من ربك فيقول ربي الله فيقولان ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي فيقول رسول الله فيقولان له ما عملك فيقول قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوا له من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة... وأن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل ملائكة سود الوجوه... ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب فافرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه أ.هـ
فخلاصة القول أن لا إله إلا الله يجب أن يعلم قائلها ويعني بقوله وعمله أنه:
لا طاعة لكل آمر إلا الله تعالى وحده ولا سمع إلا لقول الله تعالى وحده.
لا حكم إلا لله وحده ولا تحاكم إلا لأحكامه وحده.
لا إتباع إلا لشرع الله تعالى وحده.
وهذا هو معنى قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون()فالشرك واتخاذ البعض أربابا يكون باتخاذ مطاعين لا تستند أوامرهم على شرع الله واتخاذ حكام يحكمون بغير ما أنزل الله ( أحكام لا تستند إلى شرع الله) والعمل بموجب أقوال وشرع لا تستند الى شرع الله تعالى.
فمن كان يظن أن الإسلام في حياة الناس لم يدخله خلل في أصله فهو واهم لا يدرك طبيعة الأمور فإن الإسلام في حياة البشر في نقص مستمر منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عن عمر عندما بكي لما أنزل الله قوله: اليوم أكملت لكم دينكم () قيل له لم تبك قال: لأنه ما تم شيء إلا نقص.وللأسف الشديد فإن الناس وعلى رأسهم الدعاة من علماء وغيرهم إلا من رحم ربك وقليل ما هم لا يدركون هذا و يعونه ومسحورون ويسحرون غيرهم فتراهم يترنمون بمقولة المليار( ألف مليون) مسلم وأنا أقول لهم: رويدا فانظروا إلى حقيقة غفلتم وتتغافلون عنها:
200 مليون شيعي إمامي لا علاقة لهم بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد.
80مليون قادياني وبهائي وإسماعيلي وأحباش ودروز ونصيريين وغيرهم وهؤلاء الإسلام بريء منهم.
100مليون بعثي وشيوعي ويساري.
300مليون يؤمن بالديمقراطية والوطنية والقومية دعوات جاهلية وهؤلاء الإسلام بريء منها.
وكل هذا تقريبي وإلا فالمخفي أعظم، والباقي إلا من رحم ربك رعاع إمعات أتباع كل ناعق صوفية هالكة وقبورية تالفة وأنعام بهيئة بشر لا هم لهم إلا الأكل والنوم وملايين يتكلمون بألستنا لكن قلوبهم قلوب يهود ونصارى. هذه حقائق يغفلون عنها ثم يقولون أمة إسلامية وهناك صحوة دينية.أفيقوا يا قوم قبل أن تندموا حين لا ينفع الندم فإن كنتم لا تدرون فمصيبة وإن كنتم تدرون فالمصيبة أعظم .
قال تعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنه يصّعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون() فهذا الميزان الذي يقيس حقائق النفوس بخصوص الهداية والضلال فمن انشرح صدره لهذا فهو من أهل الهدى إن شاء الله تعالى ومن ضاق صدره وتململ وتبرم وتخرص فهو من أهل الضلال.
(هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب )
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
وعلى صحابته أجمعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين
والسلام عليكم ورحمة الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More